للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر المعانى التي حدَثت في قومِ فرعونَ بحدوثِ هذه الآياتِ والسببُ الذي مِن أجله أحدَثَها اللهُ فيهم

حدَّثنا محمدُ بنُ حميدٍ الرازيُّ، قال: ثنا يعقوبُ القُمِّيُّ، عن جعفرِ بن المغيرةِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، قال: لما أتى موسى فرعونَ، قال له: أرسلْ معىَ بني إسرائيلَ. فأبى عليه، فأرسلَ اللهُ عليهم الطوفانَ، وهو المطرُ، فصبّ عليهم منه شيئًا، فخافوا أن يكونَ عذابًا، فقالوا لموسى: ادعُ لنا ربَّك [يَكْشِفْ عنا المطرِ فنُؤْمِنَ لك ونُرْسِلَ] (١) معك بني إسرائيلَ. فدعا ربَّه، فلم يُؤمنوا، ولم يُرسِلوا معه بني إسرائيلَ، فأَنْبَتَ لهم في تلكَ السنةِ شيئًا لم يُنْبِتْه قبلَ ذلك مِن الزرعِ والثمرِ والكلأَ، فقالوا: هذا ما كنا نتمنَّى. فأرسل اللهُ عليهم الجرادَ، فسلَّطه على الكلأِ، فلما رأوا أثرَه في الكلأَ عَرَفوا أنه لا يُبْقِى الزرعَ، فقالوا: يا موسى، ادعُ لنا ربكَ فيكشفَ عنا الجرادَ، فنؤمنَ لكَ، ونرسلَ معكَ بنى إسرائيلَ. فدعا ربَّه، فكشَف عنهم الجرادَ، فلم يؤمنوا، ولم يرسِلوا معه بني إسرائيلَ، فداسُوا وأحرزُوا في البيوتِ، فقالوا: قد أحرَزْنا، فأرسلَ اللهُ عليهم القُمَّلَ، وهو السوسُ الذي يخرجُ منه، فكان الرجلُ يُخرِجُ عَشَرَةَ أجربةٍ إلى الرَّحَى، فلا يَرُدُّ منها ثلاثةَ أقفِزةٍ، فقالوا: يا موسى، ادعُ لنا ربَّك يكشفْ عنا القُمَّلَ، فنؤمِنَ لكَ، ونرسلَ معك بني إسرائيلَ. فدعا ربَّه فكشف عنهم، فأبَوا أن يُرسلُوا معه بنى إسرائيلَ. فبينا هو جالسٌ عند فرعونَ إذ سمِع نقيقَ ضِفْدَعٍ، فقال لفرعونَ: ما تلقى أنتَ وقومكَ مِن هذا؟ فقال: وما عسى أن يكونَ كيدُها، فما أمسَوا حتى كان الرجلُ يجلسُ إلى ذَقْنِه في الضفادعِ، ويهمُّ أن يتكلمَ فيثبُ الضِّفْدَعُ في فيه. فقالوا لموسى ادعُ لنا ربَّك يكشِفْ عنا هذه الضفادعَ، فنؤمنَ لك،


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن"، ولكن في ص: "المطر" بدلا من "الرجز".