للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد بيَّنا القولَ في "أن" إذا صحِبَت من الكلامِ ما ضارَع الحكايةَ، وليس بصريحِ الحكايةِ أنها تُشَدِّدُها العربُ أحيانًا، وتُوقِعُ (١) الفعلَ عليها فتَفْتَحُها وتُخَفِّفُها أحيانًا، وتُعْمِلُ الفعلَ فيها فتَنْصِبُها به، وتُبْطِلُ عملَها مِن (٢) الاسمِ الذي يليها، فيما مضَى بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٣).

وإذ كان ذلك كذلك، فسواءٌ شُدِّدَت "أن" أو خُفِّفَت في القراءةِ؛ إذ كان معنى الكلامِ بأيِّ ذلك قرَأ القارئُ واحدًا، وكانتا قراءتين مشهورتين في قرأةِ الأمصارِ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ (٤٥)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: [أذَّن مؤذنٌ] (٥) بينَ أهلِ الجنةِ والنارِ (٦)، أن لعنةُ الله على (٧) الذين كفَروا بالله، وصدُّوا عن سبيلِه، وبَغوها (٨) عوَجًا. يقولُ: حاوَلوا سبيلَ الله - وهو دينُه - أن يُغيِّروها ويُبَدِّلوها عما جعَلَه الله به (٩) من استقامتِه، ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ﴾. يقولُ: وهم لقيامِ الساعةِ، وللبعثِ في الآخرةِ، والثوابِ والعقابِ فيها جاحِدون. والعربُ تقولُ للمَيْلِ في الدِّينِ والطريقِ: عِوَجٌ. بكسرِ العينِ، وفى


(١) في ص، ت ١، ف: "يرفع".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "عن".
(٣) ينظر ما تقدم في ص ٢٠٣ - ٢٠٥.
(٤) قرأ نافع وأبو عمرٍو ويعقوب وعاصم بإسكان النون مخففة ورفع لعنة، وقرأ الباقون "أنَّ لعنةَ". النشر ٢/ ٢٠٢.
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "إن المؤذن".
(٦) بعده في م، ت ٢، ت ٣: "يقول".
(٧) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "الظالمين".
(٨) في م، ت ٢، ت ٣، ف: "يبغونها".
(٩) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "له".