للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلَّ خيرٍ علِمه الناسُ أو لم يَعْلَموه، ووعَد أهلَ النارِ كلَّ خِزْىٍ وعذابٍ علِمه الناسُ أو لم يَعْلَموه، فذلك قولُه: ﴿وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ﴾ [ص: ٥٨]. قال: فنادَى أصحابُ الجنةِ أصحابَ النارِ: ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ﴾. يقولُ: مِن الخِزْى والهَوانِ والعذابِ. قال أهلُ الجنةِ: فإنا قد وجَدْنا ما وعَدَنا ربُّنا حقًّا من النعيمِ والكرامةِ. ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ (١).

واخْتَلَفَت القرأةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿قَالُوا نَعَمْ﴾. فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ والكوفةِ والبصرةِ: ﴿قَالُوا نَعَمْ﴾ بفتحِ العينِ مِن ﴿نَعَمْ﴾.

ورُوِى عن بعضِ الكوفيين أنه قرَأ: (قالوا نَعِمْ) بكسرِ العينِ (٢)، وقد أُنْشِد بيتٌ لبعضِ بني كَلْبٍ:

نَعِم إذا قالها منه مُحَقَّقَةٌ … ولا تَخِيبُ (٣) عَسَى منه ولا قَمَنُ

بكسر "نَعِمْ".

والصوابُ من القراءةِ [في ذلك] (٤) عندَنا ﴿نَعَمْ﴾ بفتحِ العينِ (٥)؛ لأنها القراءةُ المُسْتَفِيضَةُ في قرأةِ الأمصارِ، واللغةُ المشهورةُ في العربِ.

وأما قولُه: ﴿فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ: فنادَى مُنادٍ، وأَعْلَم مُعْلِمٌ بينَهم: ﴿أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ: غَضَبُ اللَّهِ وسَخَطُه وعقوبتُه على مَن كَفَر به.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٨١، ١٤٨٢ (٨٤٨٠) عن محمد بن سعد به.
(٢) قرأ الكسائي بكسر العين حيث وقع، وفتحها نافع، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر وعاصم وحمزة، ينظر: الكشف عن وجوه القراءات السبع ١/ ٤٦٢.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تجيء".
(٤) ليست في: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٥) القراءتان كلتاهما صواب.