للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ساترٌ، لا نجتمعُ مِن أجلِه نحن وأنت فيَرى بعضُنا (١) بعضًا، وذلك الحجابُ هو اختلافُهم في الدينِ؛ لأن دينَهم كان عبادةَ الأوثانِ، ودينَ محمدٍ عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له، فذلك هو الحجابُ الذي زعَموا أنه بينَهم وبينَ نبيِّ اللهِ، وذلك هو خِلافُ بعضِهم بعضًا في الدينِ.

وقولُه: ﴿فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾. يقولُ: قالوا له : فاعمَلْ يا محمدُ بدينِك وما تقولُ إنه الحقُّ، إننا عامِلون بدينِنا وما نقولُ إنه الحقُّ، ودَعْ دعاءَنا إلى ما تَدْعونا إليه مِن دينِك، فإنا نَدَعُ دعاءَك إلى دينِنا. وأُدخلت "من" في قولِه: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾. والمعنى: وبينَنا وبينَك حجابٌ، توكيدًا للكلامِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قلْ يا محمدُ لهؤلاء المُعرِضين عن آياتِ اللهِ مِن قومِك: أَيُّها القومُ، ما أنا إلا بشرٌ مِن بنى آدمَ مثلُكم في الجنسِ والصورةِ والهيئةِ (٢)، لستُ بمَلَكٍ، ﴿يُوحَى إِلَيَّ﴾. يقولُ: يوحِى اللهُ إليَّ ألَّا معبودَ لكم تصلُحُ عبادتُه إلا معبودٌ واحدٌ، ﴿فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ﴾. يقولُ: فاستقيموا إليه بالطاعةِ، ووَجِّهوا إليه وجوهَكم بالرغبةِ والعبادةِ، دونَ الآلهةِ والأوثانِ، ﴿وَاسْتَغْفِرُوهُ﴾. يقولُ: وسَلُوه العفوَ لكم عن ذنوبِكم التي سلَفت منكم بالتوبةِ (٣) مِن شركِكم، يَتُبْ عليكم، ويغفرْ لكم.


(١) في ص، ت ٢ ت ٣: "بعضها".
(٢) في ت ١: "الصفة".
(٣) بعده في الأصل: "منكم".