للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه مخبرًا عن قولِ رُسُلِه لإبراهيمَ: ﴿يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا﴾. وذلك قيلُهم له حينَ جادلَهم في قومِ لوطٍ، فقالوا له: دع عنك الجِدالَ في أمرِهم، والخُصومةَ فيه، فإنه قد جاء أمرُ ربِّك بعذابِهم، وحقَّ عليهم كلمةُ العذابِ، ومضَى فيهم بهلاكِهم القضاءُ، ﴿وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ﴾. يقولُ: وإن قومَ لوطٍ نازلٌ بهم عذابٌ من اللَّهِ غيرُ مدفوعٍ عنهم (١)، وقد ذكَرنا (٢) الروايةَ بما ذَكرنا فيه عمن ذُكِر ذلك عنه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ (٧٧)﴾.

يقولُ ﷿: ولمَّا جاءت ملائكتُنا لوطًا، ساءَه مَجِيئُهم، وهو "فُعِل"، مِن السُّوءِ، ﴿وَضَاقَ بِهِمْ﴾. بمجيئِهم (٤)، ﴿ذَرْعًا﴾. يقولُ: وضاقَت نفسُه غَمًّا بمَجيئِهم. وذلك أنه لم يكُنْ يعلمُ أنهم رُسُلُ اللَّهِ في حالِ ما ساءَه مجيئُهم، وعلِم مِن قومِه ما هم عليه مِن إتْيانِهم الفاحشةَ، وخافَهم (٥) عليهم، فضاقَ مِن أجلِ ذلك لمَجيئِهم (٦) ذَرْعًا، وعلِم أنه سيحتاجُ إلى المُدافعةِ عن أضْيافِه؛ ولذلك قال: ﴿هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ﴾.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٢) في م، ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "ذكر".
(٣) بعده في ت ٢: "بما أغنى عن إعادته". وينظر ما تقدم في ١٠/ ٣٠٩، ٣١٠.
(٤) في الأصل: "بمجيئه".
(٥) في ص، م، ف: "خاف".
(٦) في ص، م، ف: "بمجيئهم".