فهُما عذابان؛ عذابُ المماتِ به ضُوعِف عذابُ الحياةِ.
وقولُه: ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾، يقولُ: ثم لا تجدُ لك يا محمدُ - إن نحن أذَقْناك لرُكونِك إلى هؤلاء المشركين، لو رَكَنْتَ إليهم، عذابَ الحياةِ وعذابَ المماتِ - علَينا نَصيرًا ينصُرُك علينا، فيَمْنَعُك من عذابِك، ويُنقِذُك ممَّا نالكَ منّا مِن عقوبةٍ.
يقولُ ﷿: وإن كاد هؤلاء القومُ ﴿لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ﴾. يقولُ: لَيَسْتَخِفُّونَك مِن الأرضِ التي أنتَ بها ليُخرجوكَ مِنها، ﴿وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. يقولُ: ولو أخرَجوك منها لم يلْبَثوا بعدَك فيها إلَّا قليلًا حتى أُهلِكَهم بعذابٍ عاجلٍ.
واختلَف أهلُ التأويلِ في الذين كادوا أن يستفِزُّوا رسولَ اللهِ ﷺ ليُخرِجوه مِن الأرضِ، وفى الأرضِ التي أرادُوا أن يخرِجوه مِنها؛ فقال بعضُهم: الذين كادوا أن يستفزُّوا رسولَ اللهِ ﷺ مِن ذلك اليهودُ، والأرضُ التي أرادوا أن يخرِجُوه منها المدينةُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا المعْتَمرُ بنُ سليمانَ، عن أبيه، قال: زعَم حَضْرَمَيٌّ أَنَّه بلَغه أن بعضَ اليهودِ قال للنبيِّ ﷺ: إن أرضَ الأنبياءِ أرضُ الشامِ،
(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "خلفك"، وهى قراءة، وسيشير المصنف إليها في ص ٢١.