للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهُما عذابان؛ عذابُ المماتِ به ضُوعِف عذابُ الحياةِ.

وقولُه: ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾، يقولُ: ثم لا تجدُ لك يا محمدُ - إن نحن أذَقْناك لرُكونِك إلى هؤلاء المشركين، لو رَكَنْتَ إليهم، عذابَ الحياةِ وعذابَ المماتِ - علَينا نَصيرًا ينصُرُك علينا، فيَمْنَعُك من عذابِك، ويُنقِذُك ممَّا نالكَ منّا مِن عقوبةٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ (١) إِلَّا قَلِيلًا (٧٦)﴾.

يقولُ ﷿: وإن كاد هؤلاء القومُ ﴿لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ﴾. يقولُ: لَيَسْتَخِفُّونَك مِن الأرضِ التي أنتَ بها ليُخرجوكَ مِنها، ﴿وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا﴾. يقولُ: ولو أخرَجوك منها لم يلْبَثوا بعدَك فيها إلَّا قليلًا حتى أُهلِكَهم بعذابٍ عاجلٍ.

واختلَف أهلُ التأويلِ في الذين كادوا أن يستفِزُّوا رسولَ اللهِ ليُخرِجوه مِن الأرضِ، وفى الأرضِ التي أرادُوا أن يخرِجوه مِنها؛ فقال بعضُهم: الذين كادوا أن يستفزُّوا رسولَ اللهِ مِن ذلك اليهودُ، والأرضُ التي أرادوا أن يخرِجُوه منها المدينةُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا المعْتَمرُ بنُ سليمانَ، عن أبيه، قال: زعَم حَضْرَمَيٌّ أَنَّه بلَغه أن بعضَ اليهودِ قال للنبيِّ : إن أرضَ الأنبياءِ أرضُ الشامِ،


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "خلفك"، وهى قراءة، وسيشير المصنف إليها في ص ٢١.