للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾. يقولُ: إنا كما جزَيْناك بطاعتِنا يا إبراهيمُ، كذلك نَجْزِى الذين أحْسَنوا، وأطاعوا أمرَنا، وعمِلوا في رضانا.

وقولُه: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنَّ أمرَنا إياك يا إبراهيمُ بذبحِ ابنِك إسحاقَ ﴿لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾. يقولُ: لَهو الاختبارُ الذى يَبِينُ لمن فكَّر فيه، أنه بلاءٌ شديدٌ ومحنةٌ عظيمةٌ. وكان ابنُ زيدٍ يقولُ: البلاءُ في هذا الموضعِ الشرُّ، وليس باختبارٍ.

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ﴾. قال: هذا فى البلاءِ الذي نزَل به، في أَن يَذْبَحَ ابنَه، ﴿صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا﴾ ابْتُلِيتَ ببلاءٍ عظيمٍ، أُمِرْتَ أَن تَذْبَحَ ابْنَك. قال: وهذا مِن البلاءِ المكروهِ، وهو الشرُّ، وليس مِن بلاءِ الاختبارِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩) كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١)﴾.

وقولُه: ﴿وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ﴾. يقولُ: وفدَيْنا إسحاقَ بذبْحٍ عظيمٍ.

والفِدْيةُ الجزاء، يقولُ: جزَيْناه بأن جعَلْنا مكانَ ذَبْحِهِ ذَبْحَ كبشٍ عظيمٍ، وأَنْقَذْناه مِن الذَّبْحِ.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ فى المَفْدِىِّ بالذِّبحِ (١)، مِن ابنى إبراهيمَ؛ فقال بعضُهم: هو إسحاق.


(١) فى م: "من الذبح".