للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (١٢)﴾.

وهذا عِتابٌ مِن اللَّهِ تعالى ذِكْرُه أهلَ الإيمانِ به فيما وقَع في أنفسِهم من إرجافِ مَن أرجَف في أمرِ عائشةَ، بما أرجَف به، يقولُ لهم تعالَى ذِكرُه: هلَّا أيُّها الناسُ إذْ سمِعتُم ما قال أهلُ الإفكِ في عائشةَ، ﴿ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ﴾ منكم ﴿وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا﴾. [يقولُ: ظنَنْتُم بمن قُرِف بذلك منكم خيرًا] (١)، ولم يظنُّوا به أنَّه أتَى الفاحشةَ.

وقال: ﴿بِأَنْفُسِهِمْ﴾. لأنَّ أهلَ الإسلامِ كلَّهم بمنزلةِ نَفْسِ واحدةٍ؛ لأنَّهم أهلُ ملةٍ واحدةٍ.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيْدٍ، قال: ثنا سَلَمَةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن أبيه، عن بعضِ رجالِ بني النجارِ، أن أبا أيوبَ خالدَ بنَ زيدٍ، قالت له امرأتُه أمُّ أيوبَ: أما تسمعُ ما يقولُ الناسُ في عائشةَ؟ قال: بلى، وذلك الكذبُ، أكنتِ فاعلةً ذلك يا أمَّ أيوبَ؟ قالت: لا واللَّهِ ما كنتُ لأفعلَه. قال: فعائشةُ واللَّهِ خيرٌ منك. قال: فلمَّا نزَل القرآنُ، ذكَر اللَّهُ مَن قال مِن (٢) الفاحشةِ ما قال مِن أهلِ الإفكِ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ﴾: وذلك حَسَّانُ وأصحابُه الذين قالوا ما قالوا، ثم قال: ﴿لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ﴾ الآية. أي: كما قال أبو أيُّوبَ وصاحِبتُه (٣).


(١) سقط من: ت ١، ت ٢، ت ٣، ف.
(٢) في م، وتفسير ابن أبي حاتم: "في".
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٠٢، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٦١٧، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٤٦ من طريق سلمة به، وأخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٦/ ٤٨ من طريق ابن إسحاق به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣ إلى ابن المنذر وابن مردويه.