للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولقيل: اعْدِلوا أقْربَ للتقوى. كما قيل: ﴿انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ﴾ [النساء: ١٧١].

وأما قولُه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. فإنه يعنى: واحْذَروا أيُّها المؤمنون أن تَجُورُوا في عباده، فتُجاوِزوا فيهم حكمه وقضاءه الذي بيَّن لكم، فيُحِلَّ بكم عقوبتَه، وتَسْتَوْجِبوا منه أليمَ نَكَالِه، ﴿إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: إن الله ذو خبرةٍ وعلمٍ بما تَعْمَلُون أَيُّها المؤمنون فيما أمَرَكم به، وفيما نهاكم عنه مِن عملٍ به أو خلافٍ له، مُخصٍ ذلكم عليكم كلَّه، حتى يُجازيكم به جزاءَكم؛ المحسنَ منكم بإحسانِه، والمُسيءَ بإساءته، فاتقوا الله (١) أن تُسِيئوا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٩)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾: وعد اللهُ أيُّها الناسُ الذين صدَّقوا الله ورسولَه، وأقَرُّوا بما جاءَهم به مِن عند ربِّهم، وعمِلوا بما واثَقَهم اللهُ به، وأوْفَوْا بالعقود التي عاقَدَهم عليها بقولهم: لنَسْمَعَنَّ ولَنُطِيعَنَّ اللَّهَ ورسولَه. فسمِعوا أمرَ اللهِ ونهيَه، وأطاعوه فعمِلوا بما أَمَرَهم الله به، وانْتَهَوْا عما نهاهم عنه.

ويعنى بقولِه: ﴿لَهُمْ مَغْفِرَةٌ﴾ لهؤلاء الذين وفَّوْا بالعقودِ والميثاقِ الذي واثَقَهم به ربُّهم، ﴿مَغْفِرَةٌ﴾، وهى سترُ ذنوبهمِ السالفةِ منهم عليهم، عليهم، وتَغْطيتَها بعفوِه لهم عنها، وتركِه عقوبتَهم عليها، وفضيحتَهم بها، ﴿وَأَجْرٌ عَظِيمٌ﴾. يقولُ: ولهم مع عفوه لهم عن ذنوبهم السالفة منهم جزاءً على أعمالِهم التي


(١) سقط من: م.