للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَصْباءُ الصِّغارُ، ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾. يقولُ: فستعلمون أيُّها الكفرةُ كيف عاقبةُ نذيرِي لكم، إذ كذَّبْتُم به، وردَدْتُموه على رسولِي.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (١٨) أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ (١٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد كذَّب الذين مِن قبلِ هؤلاءِ المشركين مِن قريشٍ مِن الأممِ الخاليةِ - رسلَهم، ﴿فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ﴾. يقولُ: فكيف كان نكيري تكذيبَهم إيَّاهم؟

﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾. يقولُ: أو لم يَرَ هؤلاء المشركون إلى الطيرِ فوقَهم صافاتٍ أجنحتَهنَّ؟ ﴿وَيَقْبِضْنَ﴾. يقولُ: ويَقْبِضْنَ أجنحتهنَّ أحيانًا؟ وإنما عُنِي بذلك أنها تَصُفُّ أجنحتَها أحيانًا، وتَقْبِضُ أحيانًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿صَافَّاتٍ﴾. قال: الطيرُ يَصُفُّ جَناحَه كما رأيتَ، ثم يَقْبِضُه (١).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ﴾: بَسْطُهنَّ أَجْنِحتَهنَّ وقبْضُهنَّ (٢).


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٠٥ عن معمر به.
(٢) تفسير مجاهد ص ٦٦٧، ومن طريقه الفريابي وعبد بن حميد - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٤٦ - وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٤٩ إلى ابن المنذر.