للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فطَلَعَتِ (١) الأحزابُ، فقال المسلمون: ﴿هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ﴾ [الأحزاب: ٢٢]. الآيةَ، وقال المنافقون: ألا تَعْجَبون! يُحَدِّثُكم ويُمَنِّيكم ويَعِدُكم الباطلَ، يُخْبِرُكم أنه يُبْصِرُ مِن يثربَ قصورَ الحِيرةِ، ومدائنَ كِسْرَى، وأنها تُفْتَحُ لكم، وأنتم تَحْفِرون الخندقَ مِن الفَرَقِ، ولا تَسْتَطِيعون أن تَبْرُزوا؟! وأُنْزِل القرآنُ: ﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا﴾ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِرَارًا (١٣) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إِلَّا يَسِيرًا (١٤)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَاأَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ﴾. وإذ قال بعضُهم: يا أهلَ يثربَ. ويثربُ اسم أرضٍ، فيقالُ: إن مدينةَ رسولِ اللهِ في ناحيةٍ مِن يثربَ.

وقوله: (لَا مَقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا)، بفتحِ الميمِ من "مقام". يقولُ: لا مكانَ لكم، تقومون فيه، كما قال الشاعرُ (٣):

فأَيِّى ما وأَيُّك كان شرًا … فَقِيدَ إلى المقامةِ لا يَرَاها


(١) في م: "فطبقت".
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٥٦٧، وأخرجه البيهقي في الدلائل ٣/ ٤١٨، والبغوي في تفسيره ٦/ ٣٢٣ من طريق محمد بن خالد به، وأخرجه ابن سعد في طبقاته، ٤/ ٨٢، ٨٣، والطبراني (٦٠٤٠)، والحاكم ٣/ ٥٩٨ - كلاهما مختصرًا - من طريق كثير بن عبد الله به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٥، ١٨٦ إلى ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي نعيم.
(٣) تقدم تخريجه في ١٨/ ٢٣١.