للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخندقِ، فأَخَذ رسولُ اللهِ المِعْوَلَ من سلمانَ، فضرَب الصخرةَ ضربةً صدَعَها، وبرَقَت منها بَرْقةٌ أضاءَت ما بينَ لَابَتَيْها - يعنى لابَتَى المدينةِ - حتى لكأنَّ مِصباحًا في جوفَ بيتٍ مظلمٍ، فكبَّر رسولُ اللهِ تكبيرَ فتحٍ، وكبَّر المسلمون، ثم ضرَبها رسولُ اللهِ الثانيةَ فصدَعها، فكسَرَها، وبرَقَت منها بَرْقَةٌ أضاءَت ما بين لابتَيْها، حتى لَكأن مصباحًا في جوفِ بيتٍ مظلمٍ، فكبَّر رسولُ اللهِ تكبيرَ فتحٍ، وكبَّر المسلمون، ثم ضرَبها رسولُ اللهِ الثالثةَ، فكسَرَها، وبَرَق منها بَرْقَةٌ أضاءَ ما بينَ لابتَيْها، حتى لَكأن مصباحًا في جوفِ بيتٍ مظلمٍ، فكبَّر رسولُ اللهِ تكبيرَ فتحٍ، ثم أخَذ بيد سلمانَ، فَرَقِيَ، فقال سلمانُ: بأبي أنت وأمى يا رسولَ اللهِ، لقد رأَيْتُ شيئًا ما رأيْتُه قطُّ. فالْتَفَت رسولُ اللهِ إلى القومِ فقال: "هل رأيْتُم ما يقولُ سلمانُ؟ " قالوا: نعم يا رسولَ اللهِ، بأبينا أنت وأمِّنا، قد رأَيْناك تَضْرِبُ فيَخْرُجُ بَرْقٌ كالموجِ، فرأَيْناك تُكَبِّرُ فَنُكَبِّرُ، ولا نَرَى شيئًا غير ذلك. قال: "صدَقْتُم ضَرَبْتُ ضربتيَ الأولى، فبرَق الذي رأيتُم، [أضاءتْ لى منها] (١) قُصورُ الحيِرةِ ومدائنُ كِسْرَى، كأنها أنيابُ الكلابِ، فأخبرني جبريلُ أن أمتى ظاهرةٌ عليها، ثم ضرَبْتُ ضربتىَ الثانيةَ، فبرَق الذي رأيتُم، [أضاءتْ لي منها] (١) قُصورُ الحُمْرِ مِن أرضِ الرومِ، كأنها أنيابُ الكلابِ، وأَخْبَرنى جبريلُ أن أمتى ظاهرةٌ عليها، ثم ضرَبْتُ ضربتيَ الثالثةَ، فبرَق منها الذي رأيتُم، أضاءتْ لى منها قصورُ صَنْعَاءَ، كأنها أنيابُ الكلابِ، وأخْبَرنى جبريلُ أن أمتى ظاهرةٌ عليها، فأبْشِروا يَبْلُغُهم النصرُ، وأبشِروا يَبْلُغُهم النصرُ، وأَبْشِرُوا يَبْلُغُهم النصرُ". فاسْتَبْشَر المسلمون، وقالوا: الحمدُ للهِ، موعودُ صِدقٍ، بأن وُعِدْنا النصرَ بعدَ الحَصْر،


(١) في النسخ: "أضاء لى منه"، والمثبت من تاريخ المصنف.