للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾. يقولُ تعالى ذكره: وربُّك يا محمدُ على أعمالِ هؤلاءِ الكفرةِ به، وغير ذلك مِن الأشياءِ كلِّها ﴿حَفِيظٌ﴾، لا يَعْزُبُ عنه علمُ شيءٍ منه، وهو مجازٍ جميعَهم يومَ القيامةِ، بما كسَبوا في الدنيا من خيرٍ وشرٍّ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ (٢٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: فهذا فعلُنا بوليِّنا ومن أطاعَنا داودَ وسليمانَ الذي (١) فعَلنا بهما؛ مِن إنعامِنا عليهما النعمَ التي لا كِفاءَ لها إذ شكَرانا، وذاك فِعْلُنا بسبأ الذي (٢) فعلنا بهم، إذ بطروا نعمتَنا، وكذَّبوا رسلَنا، وكفَروا أياديَنا، فقلْ يا محمدُ لهؤلاء المشركين بربِّهم مِن قومِك، الجاحدين نعمَنا عندَهم: ادعوا أيُّها القومُ الذين زعَمتم أنهم للهِ شريكٌ من دونِه، فسلوهم أن يَفْعَلوا بكم بعضَ أفعالِنا بالذين وصَفنا أمرَهم؛ مِن إنعامٍ أو إياسٍ، فإن لم يقدِروا على ذلك، فاعْلَموا أنكم مُبْطِلون؛ لأن الشركةَ في الربوبيةِ لا تَصْلُحُ ولا تجوزُ. ثم وصَف الذين يَدْعون مِن دونِ اللهِ، فقال: إنهم لا يَمْلِكون ميزانَ (٣) ذرّةٍ في السماواتِ ولا في الأرضِ؛ من خيرٍ ولا شرٍّ، ولا ضرٍّ ولا نفعٍ، فكيف يكونُ إلهًا من كان كذلك؟!

وقولُه: ﴿وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولا هم إذ لم يَكُونوا يَمْلِكون مثقالَ ذرّةٍ في السماواتِ ولا في الأرضِ منفردين بملكِه مِن


(١) في الأصل: "اللذين".
(٢) في م، ت ١، ت ٢: "الذين".
(٣) في م: "مثقال".