للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كنكاحِهم، كما نَكَحوا على الوجوه الفاسدةِ التي لا يجوزُ مثلُها في الإسلام. ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾. يعنى: أن نكاحَ آبائِكم الذي كانوا يَنْكِحونه في جاهليتِهم، كان فاحشةً ومقتًا وساء سبيلًا، إلا ما قد سلَف منكم في جاهليتِكم، مِن نكاح لا يجوزُ ابتداءُ مثلِه في الإسلام، فإنه معفوٌّ لكم عنه.

وقالوا: قولُه: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾. كقول القائلِ للرجل: لا تَفْعَلْ ما فعلتُ، ولا تَأْكُلْ ما أكلتُ. بمعنى: ولا تأكل كما أكلتُ. ولا تفعَلْ كما فعلتُ.

وقال آخرون: معنى ذلك: ولا تَنْكِحوا ما نكح آباؤكم من النساءِ بالنكاحِ الجائز كان عقدُه بينهم، إلا ما قد سلَف منهم من وجوه الزنى عندهم، فإن نكاحَهنَّ لكم حلالٌ (١)؛ لأنهنَّ لم يَكُنَّ لهم حلائل، وإنما كان (٢) ما كان من آبائِكم [ومنهنَّ] (٣) من ذلك فاحشةً ومقتًا وساء سبيلًا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قوله: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ الآية. قال: الزنى، ﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا﴾، فزاد ههنا المقت (٤).

قال أبو جعفر: وأَوْلَى الأقوال في ذلك بالصواب - على ما قاله أهلُ التأويل في


(١) بعده في م: "كان".
(٢) سقط من: م، ت ٢.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "منهن".
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره ٥/ ١٠٥. ويعنى بقوله: زاد ههنا المقت. أي على ما جاء في سورة الإسراء من قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا﴾ الآية ٣٢.