للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأَوْلَى التأويلاتِ بقولِه: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾ قولُ عطاءٍ الذي ذكَرناه من توجيهِه معنى ذلك إلى: لا تُحِلُّوا حُرُماتِ اللهِ، ولا تضيِّعوا فرائضَه؛ لأن الشعائرَ جمعُ شعيرةٍ، والشعيرةُ فعيلةٌ، من قولِ القائلِ: قد شعَر فلانٌ بهذا الأمرِ. إذا علِم به، فالشعائرُ المعالمُ من ذلك. وإذا كان ذلك كذلك، كان معنى الكلامِ: لا تَسْتَحِلُّوا، أيها الذين آمنوا، معالَم اللهِ. فيدخُلُ فى ذلك معالُم الله كلُّها في مناسكِ الحجِّ، من (١) تحريمِ ما حرَّم الله (٢) إصابتَه فيها على المُحْرِمِ، وتضييعِ ما نهَى عن تضييعِه فيها، وفيما حرَّم من استحلالِ حُرُماتِ حَرَمِه، وغيرِ ذلك من حدودِه وفرائضِه، وحلالِه وحرامِه؛ لأن كلَّ ذلك من معالمِه وشعائرِه التي جعَلها أماراتٍ بينَ الحقِّ والباطلِ، يُعْلِمُ بها حلالَه وحرامَه، وأمرَه ونهيَه.

وإنما قلنا: هذا (٣) القولُ أولى بتأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ﴾. لأن اللهَ جل ثناؤه نهَى عن استحلالِ شعائرِه ومعالِم حدودِه وإحلالِها نهيًا عامًّا من غيرِ اختصاصِ شيءٍ من ذلك دونَ شيءٍ، [فلم يَجُزْ] (٤) لأحدٍ أن يوجِّهَ معنى ذلك إلى الخصوصِ إلا بحجةٍ يجبُ التسليمُ لها، ولا حجةَ بذلك كذلك.

القولُ فى تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ﴾: ولا تستحِلُّوا الشهرَ الحرامَ بقتالِكم فيه (٥) أعداءَكم من المشركين، وهو


(١) فى الأصل: "في".
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) في م: "ذلك".
(٤) في الأصل: "فلن يجوز".
(٥) فى م: "به".