للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصلِ والوقفِ (١)؛ لأن ذلك هو الكلامُ المعروفُ من كلامِ العربِ، مع شهرةِ القراءةِ بذلك في قرأةِ المِصْرَين: الكوفةِ والبصرةِ. ثم القراءةُ بإثباتِ الألفِ فيهنَّ في حالِ الوقفِ والوصلِ؛ لأن علةَ مَن أثبَت ذلك في حالِ الوقفِ، أنه كذلك في خطوطِ مصاحفِ المسلمين. وإذا كانت العلةُ في إثباتِ ذلك (٢) في بعضِ الأحوالِ كونَه مثبَتًا في مصاحفِ المسلمين، فالواجبُ أن تكونَ القراءةُ في كلِّ الأحوالِ ثابتةً؛ لأنه مُثبَتٌ في مصاحفِهم، وغيرُ جائزٍ أن تكونَ العلةُ التي تُوجِبُ قراءةَ ذلك على وجهٍ من الوجوهِ في بعض الأحوالِ موجودةً في حالٍ أخرى، والقراءةُ مختلفةٌ. وليس ذلك لقوافي الشعرِ بنظيرٍ؛ لأن قوافيَ الشعرِ إنما تُلْحَقُ فيها الأَلِفاتُ في مواضعِ الفتحِ، والياءُ في مواضعِ الكسرِ، والواوُ في مواضعِ الضمِّ - طلبًا لتتِمَّةِ الوزنِ، وأن ذلك لو لم يُفْعَلْ كذلك، بطَل أن يكونَ شعرًا؛ لاستحالتِه عن وزنِه، ولا شيءَ يَضْطَرُّ تالىَ القرآنِ إلى فعلِ ذلك في القرآنِ.

وقولُه: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ: عندَ ذلك اختُبِر إيمانُ المؤمنين، ومُحِّص القومُ، و (٣) عُرِف المؤمنُ مِن المنافقِ.

وبنحوِ ما قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ﴾. قال: مُحِّصوا (٤).


(١) القراءات كلها صواب.
(٢) في م: "الألف".
(٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢.
(٤) تفسير مجاهد ص ٥٤٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٨٧ إلى الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم.