وكان بعضُ نحويِّى أهل البصرة يقولُ: إنما: ﴿من وَرَائِهِ﴾. بمعنى: مِن أمامِه؛ لأنَّه وراء ما هو فيه، كما يقول لك: وكلُّ هذا من ورائك. أي: سيأتي عليك، وهو من وراءِ ما أنت فيه؛ لأن ما أنت فيه قد كان قبل ذلك، وهو من ورائه. وقال: ﴿وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا﴾ الكهف: ٧٩]. من هذا المعنى، أي: كان وراء ما هم فيه، أمامهم.
وكان بعضُ نحويِّى أهل الكوفة يقولُ: أكثر ما يجوز هذا، في الأوقاتِ؛ لأن الوقت يمرُّ عليك، فيصيرُ خلفَك إذا جُزْتَه، وكذلك ﴿وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ﴾ لأنهم يجوزُونه، فيصيرُ وراءهم.
وكان بعضُهم يقولُ: هو من حروف الأضداد، يعنى "وراء" يكون قداما وخلفًا.
وقوله: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾. يقولُ: ويُسقى من ماءٍ. ثم بين ذلك الماءَ جلّ ثناؤه، وما هو، فقال: هو صديدٌ. ولذلك ردَّ الصديد في إعرابه على الماء؛ لأنَّه بيان عنه، والصديدُ: هو القَيْحُ والدَّمُ. وكذلك تأوّلَه أهل التأويل.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى؛ وحدثنى الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، ح وحدَّثنا الحسنُ بنُ محمد، قال: