للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برسولِ اللهِ إنهم يقولون إذا رأَوْه: قد كاد هذا يُضِلُّنا عن آلهتِنا التي نَعْبُدُها، فيَصُدُّنا عن عبادتِها لولا صبرُنا عليها وثُبوتُنا على عبادتِها.

﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: سيَبِينُ لهم حينَ يُعايِنون عذابَ اللهِ قد حلَّ بهم على عبادتِهم الآلهةَ، ﴿مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾. يقولُ: مَن الراكبُ غيرَ طريقِ الهدى، والسالكُ سبيلَ الرَّدَى أنتَ أوهم.

وبنحوِ ما قلنا في تأويلِ قولِه: ﴿لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾. قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ: ﴿إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا﴾. قال: ثبَتْنا عليها (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (٤٤)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه: أَرأَيْتَ يا محمدُ مَن اتَّخَذ إلهَه شهوتَه التي يَهْواها، وذلك أن الرجلَ من المشركين كان يَعْبُدُ الحجرَ، فإذا رأَى أحسنَ منه رمَى به وأخَذ الآخرَ فعبَده (٢)، فكان معبودُه وإلهُه ما يَتَخَيَّرُه لنفسِه، فلذلك قال جلَّ ثناؤُه: ﴿أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه:

أفأنت تكونُ يا محمدُ على هذا حفيظًا في أفعالِه مع عظيمِ جهلِه؟ أم تَحْسَبُ يا محمدُ أن


(١) تقدم أوله في الصفحة السابقة.
(٢) في م: "يعبده".