للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحمَلهم ذلك على أن شكُّوا في الأوثانِ.

حدَّثنا الحسنُ بنُ محمدٍ، قال: ثنا شبابةُ، قال: ثنا ورقاءُ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه.

قال: ثنا حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: قال ابن كثيرٍ: سمِعتُ مجاهدًا يقولُ: ﴿أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ﴾: ضُرِبَت مثلًا.

وقولُه: ﴿قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ﴾. يَقُولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ لهؤلاءِ المشركين إذا أقَرُّوا لك أن أوثانَهم التي أشرَكوها في عبادةِ اللَّهِ لا تَخْلُقُ شيئًا: فاللَّهُ خالِقُكم وخالِقُ أوثانِكم، وخلَق كلَّ شيءٍ، فما وجهُ إشراكِكم ما لا تَخْلُقُ ولا تَضُرُّه (١)؟

وقولُه: ﴿وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾. يقولُ: وهو الفردُ الذي لا ثانىَ له، القهارُ الذي يَسْتَحقُّ الأُلوهةَ والعبادةَ، لا الأصنامُ والأوثانُ، التي لا تَضُرُّ ولا تَنْفَعُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (١٧)﴾.

قال أبو جعفرٍ: وهذا مَثَلٌ ضرَبه اللَّهُ للحقِّ والباطلِ، والإيمانِ به والكفرِ. يقولُ تعالى ذكرُه: مَثَلُ الحقِّ في ثباتِه والباطلِ في اضْمِحْلالِه مَثَلُ ماءٍ أنزَلَه اللَّهُ مِن السماءِ إلى الأرضِ، ﴿فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا﴾. يَقُولُ: فاحتَمَلتُه الأوديةُ بمِلْئِها؛ الكبيرُ بكبرِه، والصغيرُ بصِغَرِه، ﴿فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا﴾. يقولُ: فاحتمَل السيلُ


(١) بعده في ت ١: "ولا ينفع".