للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومأجوجَ رَدمًا. والرَّدمُ: حاجزٌ كالحائط (١) والسَّدَّ، إلا أنَّه أمنَعُ منهما (٢) وأشدُّ، يقالُ منه: قد ردَمَ فلانٌ موضِعَ كذا، يَردِمُه رَدْمًا ورُدَامًا. ويُقال أيضًا: رَدَم ثَوبَه يَردِمُه، وهو ثوبٌ مَردُومٌ (٣). إذا كان كثيرَ الرِّقاعِ. ومنه قولُ عنترةَ (٤):

هل غادَرَ الشُّعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ … أم هل عَرَفتَ الدَّارَ بعدَ تَوَهُّمِ

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا﴾، قالَ: هو كأشدِّ الحِجَاب (٥).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قال: ذُكِر لنا أنَّ رجلًا قال: يا نبيَّ اللهِ، قد رأيتُ سدَّ يأجوجَ ومأجوجَ. قال: "انعَته لى". قال: كالبُرْدِ المُحَبَّرِ؛ طَرِيقةٌ سوداءُ، وطَرِيقةٌ حمراءُ. قال: "قد رَأيتَه" (٦).

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (٩٦) فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "الحائط"
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "منه".
(٣) في م: "مردم". وكلاهما بمعنًى.
(٤) شرح ديوان عنترة ص ١٢٢. وقوله متردم؛ قال صاحب اللسان (ر د م): معناه: أي مُستصلَح. وقال ابن سيده: أي من كلام يَلصَق بعضُه ببعض ويُلبَّق، أي قد سبقونا إلى القول فلم يدَعوا مقالًا لقائل.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٥١ إلى ابن أبي حاتم.
(٦) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (١٦٣٢) من طريق سعيد بن بشير بنحوه.