للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأُنْسِ، وهو أن يَستأذنَ أهلَ البيتِ في الدخولِ عليهم، مُخبِرًا بذلك مَن فيه، وهل فيه أحدٌ، ولِيؤْذِنَهم أنه داخلٌ عليهم، فيَأْنسَ (١) إلى إذنِهم له في ذلك، ويأنَسوا إلى استئذانِه إياهم. وقد حُكِى عن العربِ سماعًا: اذهبْ فاستَأنِسْ، هل ترَى أحدًا في الدارِ؟ بمعنى: انظُرْ هل ترَى فيها أحدًا؟

فتأويلُ الكلامِ إذن، إذ (٢) كان ذلك معناه: يأيُّها الذين آمنوا لا تَدخُلُوا بُيوتًا غيرَ بيوتِكم حتى تُسلِّموا وتستأذِنوا، وذلك أن يقولَ أحدُكم: السلامُ عليكم، أدخلُ؟ وهو من المقدَّمِ الذي معناه التأخيرُ، إنما هو: حتى تُسلِّموا وتستأذِنُوا. كما ذكَرْنا مِن الروايةِ عن ابن عباسٍ.

وقولُه: ﴿ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ﴾. يقولُ: استِئْناسُكم وتَسليمُكم على أهلِ البيتِ الذي تُريدون دخولَه، فإنَّ دُخولَكموه خيرٌ لكم؛ لأنكم لا تَدرون أنكم إذا دخَلتُموه بغيرِ إذنٍ على ماذا تَهجُمون؛ على ما يسوءُكم أو يَسرُّكم، وأنتم إذا دخَلتم بإذنٍ، لم تَدخلوا على ما تَكرَهون وأدَّيتم بذلك أيضًا حَقَّ اللَّهِ عليكم في الاستئذانِ والسلامِ.

وقولُه: ﴿لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾. يقولُ: لتَتذَكَّروا بفعلِكم ذلك أمْرَ (٣) اللَّهِ عليكم، واللازمَ لكم من طاعتِه فتطيعوه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨)﴾.


(١) في م: "فليأنس".
(٢) في م، ت ٢: "إذا".
(٣) في م: "أو".