للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى ذكرُه: فإن لم تَجِدوا في البُيوتِ التي تَستأذنون فيها أحدًا يأذنُ لكم بالدُّخولِ إليها، فلا تَدخلُوها؛ لأنها ليست لكم، فلا يَحِلُّ لكم دُخولُها إلا بإذنِ أربابِها، فإن أذِن لكم أربابُها أن تَدخلُوها، فادخلُوها، ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا﴾. يقولُ: وإن قال لكم أهلُ البيوتِ التي تَسْتأذنون فيها: ارجِعوا فلا تَدْخُلُوها. فارجِعوا عنها ولا تَدخُلوها، ﴿هُوَ أَزْكَى لَكُمْ﴾. يقولُ: رُجوعُكم عنها إذا قيل لكم: ارجِعوا. ولم يُؤْذَنْ لكم بالدخولِ فيها، أطهَرُ لكم عندَ اللَّهِ.

وقولُه: ﴿هُوَ﴾. كنايةٌ مِن اسمِ الفعلِ، أعنى من قولِه: ﴿فَارْجِعُوا﴾.

وقولُه: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: واللَّهُ بما تعمَلون؛ مِن رُجوعِكم بعدَ استئذانِكم في بيوتِ غيرِكم إذا قيل لكم: ارجِعوا. وتركِ رجوعِكم عنها، وطاعتِكم اللَّهَ فيما أمَركم ونهاكم في ذلك وغيرِه مِن أمرِه ونهيِه - ذو علمٍ، محيطٌ بذلك كلِّه، مُحْصٍ جميعَه عليكم، حتى يجازيَكم على جميعِ ذلك.

وكان مجاهدٌ يقولُ في تأويلِ ذلك ما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا﴾. قال: إن لم يكنْ لكم فيها مَتاعٌ، فلا تَدخُلوها إلا بإذنٍ، ﴿وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا﴾.

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا وَرقاءُ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ مثلَه (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُرَيجٍ، عن


(١) تفسير مجاهد ص ٤٩١، ومن طريقه أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٥٦٨، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٩ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.