للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَرَتُهم بالخروجِ، فخرَجوا وخرَجَت، فأُصِيبوا جميعًا، وانْفَلَتَت مِن بينِهم، فرجَعَت وقد أيِسَت، وهى تقولُ: سبحانَ اللَّهِ لو كان لهذا الدينِ وليٌّ وناصرٌ لقد أظْهَره بعدُ. قال: فباتَت مَحْزونةً، وأصْبَح أهلُ القريةِ يَسْعَوْن فِي نَواحِيهَا خَنازيرَ، وقد مسَخَهم اللَّهُ في ليلتِهم تلك، فقالت (١) حينَ أصْبَحَت ورأَت ما رأَت: اليومَ أَعْلَمُ أن اللَّهَ قد أعَزَّ دينَه وأمر دينَه. قال: فما كان مَسْخُ الخنازيرِ في بني إسرائيلَ إلا على يدَىْ تلك المرأةِ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ: ﴿وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ﴾. قال: مُسِخَت مِن يهودَ (٣).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا أبو حُذيفةَ، قال: ثنا شِبْلٌ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ مثلَه.

وللمسخِ سببٌ فيما ذُكِر غيرُ الذي ذكَرْنا، سنَذْكُرُه في موضعِه إن شاء اللَّهُ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (٦٠)﴾.

اخْتَلَفَت القَرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَته قرَأةُ الحجازِ والشامِ والبصرةِ وبعضُ الكوفِيِّين: ﴿وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ﴾ (٥). بمعنى: وجعَل منهم القِردةَ والخَنازيرَ ومَن عبَد الطاغوتَ. بمعنى "عابدٍ"، فجعَل ﴿عَبَدَ﴾ فعلًا ماضيًا مِن صِلَةِ المُضْمَرِ،


(١) في ص، ت ١، س: "قال تقول".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٥ إلى المصنف.
(٣) تفسير مجاهد ص ٣١١، ٣١٢، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٦٤، ١١٦٥ (٦٥٦١)، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٩٥ إلى ابن المنذر وأبي الشيخ وعبد بن حميد.
(٤) ينظر ما سيأتي في ١٠/ ٥١٢ وما بعدها.
(٥) وهي قراءة نافع وابن كثير وعاصم وأبي عمرو وابن عامر والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٢٤٦.