للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه - في موضع نصبٍ، عطفًا لها على الهاء والميم التي في قوله: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ﴾.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ﴾. وهى في مصحفِ عبدِ اللَّهِ: (ومَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله)، هذا تفسيرها (١).

وأما قوله: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾، فإنَّه يعنى به: فصيروا إلى غارِ الجبل الذي يسمى بنجلوسَ، ﴿يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾. يقولُ: يَبْسُطُ لكم ربُّكم من رحمته، بتيسيره لكم المخرج من الأمر الذي قد رميتم به من الكافر دقينوس، وطلبه إياكم لعَرْضِكم على الفتنة.

وقوله: ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ﴾ جوابٌ لـ "إذ"، كأنَّ معنى الكلام: وإذ اعتزلتم أيُّها القومُ قومَكم، فأوُوا إلى الكهف. كما يقالُ: إِذ أَذْنَبَتَ فاستغفِرِ الله وتُبْ إِلَيْه.

وقوله: ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا﴾. يقولُ: ويُيسِّر لكم من أمركم الذي أنتم فيه من الغَمِّ والكرب، خوفًا منكم على أنفسكم ودينكم، مرفقًا. ويعنى بالمِرفَقِ: ما تَرْتَفِقون به من شيءٍ. وفى المرفق من اليد وغير اليد لغتان؛ كسرُ الميم وفتح الفاءٍ، وفتح الميم وكسرُ الفاء. وكان الكسائيُّ يُنكرُ في مِرْفَقِ الإنسان الذي في


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢١٦ إلى المصنف وابن أبي حاتم.