للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِبرةً بيِّنةً، وعِظَةً، واعظةً، ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ عن اللهِ حُجَجَه، ويتفكَّرون في مواعظه، وتلك الآية البيِّنةُ هى عندى عُفُوُّ آثارِهم، ودُرُوسُ معالِمهم.

وذُكر عن قتادةَ فى ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾. قال: هى الحجارةُ التي أُمطِرت عليهم (١).

حدَّثني محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً﴾. قال: عِبْرةً (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأرسَلتُ إلى مَدينَ أخاهم شُعيبًا، فقال لهم: يا قومِ اعبُدوا الله وحده، وذِلُّوا له بالطاعةِ، واخضَعوا له بالعبادةِ، ﴿وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾. يقولُ: وارْجُوا بعبادتِكم إياه جزاء اليومِ الآخرِ، وذلك يومُ القيامةِ. ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾ يقولُ: ولا تُكْثِروا فى الأرضِ معصيةَ اللهِ، ولا تُقِيموا عليها، ولكن توبوا إلى اللَّهِ منها وأَنِيبوا.

وقد كان بعضُ أهل العلم بكلامِ العربِ (٣) يتأوَّلُ قولَه: ﴿وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ﴾ بمعنى: واخْشَوا اليومَ الآخرَ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٣٠٥٨، من طريق يزيد به. وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٩٨، عن معمر عن قتادةَ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ١٤٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٣٥، ومن طريقه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٩/ ٣٠٥٨، وعزاه السيوطى في الدر المنثور ٥/ ١٤٥ إلى الفريابي وابن أبى شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ١١٥.