للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما قلنا: إن ذلك كذلك؛ لقوله جلّ ثناؤُه: ﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾. فأخبَر (١) أنهم يَفْتَرون على اللهِ الكذبَ بدَعْواهم أنهم أبناءُ اللهِ وأحباؤُه، وأن اللهُ جلَّ ثناؤُه قد طَهَّرهم مِن الذنوبِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾.

قال أبو جعفرٍ : يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ولا يَظْلِمُ اللَّهُ هؤلاء الذين أخبرَ عنهم أنهم يُزَكُّون أنفسَهم ولا غيرَهم مِن خلقه، فيُبْخَسَهم - في تَرْكه تَزْكيتَهم وتَزْكيةَ مَن تَرَكَ تَزْكيتَه، وفى تَزْكِيةِ مَن زَكَّى مِن خلقه - شيئًا مِن حقوقِهم، ولا يَضَعُ شيئًا في غيرِ موضعهِ، ولكنه يُزَكِّي مَن يَشَاءُ مِن خَلقِه، فيُوَفِّقُه، ويَخذُلُ مَن يشاءُ مِن أهل مَعاصِيه، كلُّ ذلك إليه وبيدِه، وهو في كلِّ ذلك غيرُ ظالمٍ أحدًا، ممن زَكَّاه أو لم يُزَكِّه، فَتِيلًا.

واختَلف أهلُ التأويلِ في معنى الفَتِيلِ؛ فقال بعضُهم: هو ما خَرَجَ مِن بين الإصْبَعَين والكَفَّين مِن الوَسَخِ، إذا فَتَلْتَ إحداهما بالأخرى.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني سليمانُ بنُ عبدِ الجبارِ، [قال: حدَّثنا محمدُ بنُ الصَّلْتِ] (٢)، قال: ثنا أبو كُدَينةَ، عن قابوسَ [بن أبي ظَبْيانَ] (٣)، عن أبيه، عن ابن عباسٍ، قال: الفَتِيلُ: ما خَرَج مِن بين إصْبَعَيكَ (٤).


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "وأخبر".
(٢) سقط مِن ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣ وينظر تهذيب الكمال ٢٥/ ٣٩٧.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ٢، ت ٣. وينظر تهذيب الكمال ٢٣/ ٣٢٧.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٧١ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.