للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسمًا يَلِيها دونَ الفعلِ (١)، فلما قدَّم الفعلَ قبلَ الاسمِ -الذى تَقْتَضِيه الواوُ أن يَلِيَها- أُولِيَت "هو"؛ لأنه اسمٌ، كما تَقولُ في الكلامِ: أتَيْتُك، وهو قائمٌ أبوك. بمعنى وأبوك قائمٌ؛ إذ كانت الواوُ تَقْتَضِى اسمًا، فعُمِدَت بـ"هو"؛ إذ سبق الفعلُ الاسمَ ليَصْلُحَ الكلامُ به، كما قال الشاعرُ (٢):

فأَبْلِغْ أبا يحيى إذا ما لقِيتَه … على العِيسِ في آباطِها عَرَقٌ يَبْسُ

بأنَّ السُّلاميَّ الذي بضَرِيَّةٍ (٣) … أَميرَ الحِمَى قد باع حَقِّى بنى عَبْسِ

بثوبٍ ودينارٍ وَشاةٍ ودِرْهَمٍ … فهل هو مرفوعٌ بما هاهنا راسُ

فأُولِيَت "هل" (٤) لطلبِها الاسمَ العِمادَ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾.

يعني بقولِه جل ثناؤُه: ﴿فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ﴾: فليس لمن قتَل منكم قَتيلًا -فكفَر بقتلِه إياه [ببعضِ حكمِ] (٥) اللهِ الذى حكَم به عليه في التَّوْراةِ، وأخْرَج منكم فريقًا مِن ديارِهم مُظاهِرًا (٦) عليهم أعداءَهم مِن أهلِ الشركِ ظُلمًا وعُدْوانًا، وخلافًا لمَا أمَرَه اللهُ به في كتابِه الذى أنْزَله إلى موسى- ﴿جَزَاءُ﴾، يعني بـ"الجزاءِ" الثوابَ، وهو العِوَضُ مما فعَل مِن ذلك والأجرُ عليه، ﴿إِلَّا خِزْيٌ


= عمد الاسم وقواه بتحقيق الخبر. شرح المفصل ٣/ ١١٠، شرح الرضى على الكافية ٢/ ٢٤، ٢٥.
(١) المراد بالفعل هنا: المشتقات التى تعمل عمل الفعل. ينظر مصطلحات النحو الكوفى ص ٥٢ - ٥٤.
(٢) معانى القرآن للفراء ١/ ٥٢.
(٣) ضرية: أرض بنجد وينسب إليها حمى ضرية ينزلها حاج البصرة. معجم البلدان ٣/ ٢٧٢.
(٤) أى: أوليت هل الضمير "هو".
(٥) في م، ت ١، ت ٢: "بنقض عهد".
(٦) في الأصل: "مظاهرة".