وقولُه: ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: سبوقُ هذا السابقِ مَن سبَقه بالخيراتِ بإذنِ اللَّهِ؛ هو الفضلُ الكبيرُ الذي فضَل به مَن كان مُقَصِّرًا عن منزلتِه في طاعةِ اللهِ؛ مِن المقتصدِ والظالمِ لنفسِه.
قال أبو جعفرٍ ﵀: يقولُ تعالى ذكرُه: بَساتينُ إقامةٍ، يدخلُها هؤلاء الذين أوْرَثْناهم الكتابَ؛ الذين اصْطَفَيْنا مِن عبادِنا يومَ القيامةِ، ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ﴾: يُلْبَسون في جناتِ عدنٍ أَسْوِرةً مِن ذهبٍ ﴿وَلُؤْلُؤًا﴾، ﴿وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ﴾. يقولُ: ولباسُهم في الجنةِ حريرٌ.
وقولُه: ﴿وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾. اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الحَزَنِ الذي حَمِد الله على إذهابهِ عنهم هؤلاء القومُ، فقال بعضُهم: ذلك الحزَنُ الذي كانوا فيه قبلَ دخولِهم الجنةَ مِن خوفِ النارِ، إذ كانوا خائفين أن يَدْخُلوها.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني قتادةُ بنُ سعيدِ بن قتادةَ السَّدوسيُّ، قال: ثنا معاذُ بنُ هشامٍ صاحبُ الدَّسْتُوائيِّ، قال: حدثنى أبي، عن عمرِو بن مالكٍ، عن أبي الجَوْزاءِ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ﴾. قال: حَزَنَ النارِ (١).
حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا ابن المباركِ، عن معمرٍ، عن يحيى بن المختارِ، عن
(١) أخرجه ابن أبي الدنيا في الهم والحزن (٢٥)، والحاكم ٢/ ٤٢٧ من طريق معاذ بن هشام به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٥٣ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.