للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ﴾ يعنى ناحية البَرِّ، ﴿أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾. يقولُ: أو يُمطِرَكم حجارةً مِن السماءِ تَقْتُلُكم، كما فَعَل بقومِ لوطٍ، ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا﴾. يقولُ: ثم لا تَجِدوا لكم قَيِّمًا (١) يقومُ بالمدافَعَةِ عنكم مِن عذابِه، وما يَمْنَعُكم منه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾. يقولُ: حجارةً مِن السماءِ، ﴿ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا﴾: أي مَنَعَةً ولا ناصرًا (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينٌ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ في قولِه: ﴿أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾. قال: مطرَ الحجارةِ إذا خَرَجْتُم مِن البحرِ.

وكان بعضُ أهلُ العربيةِ يُوَجِّهُ تأويلَ قولِه: ﴿أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾. إلى: أو يُرْسِلَ عليكم رِيحًا عاصِفًا تَحصِبُ. ويَسْتَشْهِدُ لقولِه ذلك بقولِ الشاعرِ (٣):

مُسْتَقْبِلِين شمالَ الشَّامِ تَضْرِبُنا … بحاصِبٍ كنَدِيفِ القُطْنِ مَنْثُورِ

وأصلُ الحاصِبِ: الريحُ تَحصِبُ بالحَصْباءِ. والحصباءُ: الأرضُ فيها الرملُ


(١) في م: "ما"، وفي ت ١: "ما ما".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١٩٣ إلى المصنف وابن أبي حاتم.
(٣) هو الفرزدق، والبيت في شرح ديوانه ص ٢٦٢. وسيأتي في تفسير سورة العنكبوت آية ٤٠.