للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذْ كان ذلك معنى النَّفَلِ، فتأويل الكلام: يسألُكَ أصحابك يا محمد عن الفضلِ من المال الذي تقعُ فيه القِسْمة من غنيمة كفار قريش الذين قتلوا ببدرٍ لمنْ هوَ؟ قل لهم يا محمد: هو لله ولرسوله دونَكم، يجعله (١) حيث شاءَ.

واختُلِف في السببِ الذي من أجله نزلت هذه الآيةُ؛ فقال بعضُهم: نزلت في غنائم بدرٍ؛ لأنَّ النبي كان نفَّل أقوامًا على بلاءٍ، فأبلى أقوام وتخلَّف آخرُون مع رسول الله ، فاختلفوا فيها بعد انقضاء (٢) الحربِ، فأنزل الله هذه الآيةَ على رسولِه، يُعْلِمُهم أن ما فعل فيها رسول الله فماضٍ جائزٌ.

ذِكرُ من قال ذلك

حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا معتمرُ بن سليمان، قال: سمعتُ داود بن أبي هند يحدِّثُ عن عكرمة، عن ابن عباس، أن النبي قال: "مَنْ أَتَى مَكانَ كَذَا وَكَذَا (٣)، أَوْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا، فَلَهُ كَذَا وَكَذَا". فتسارع إليه الشبَّانُ، وبقى الشيوخ عند الرايات، فلمَّا فتَح الله عليهم، جاءوا يطلبون ما جعل لهم النبي فقال لهم الأشياخ: لا تذهَبوا به دونَنا. فأنزل الله تعالى هذه الآيةَ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ (٤).


(١) في ص، ت ١، ف: "فجعله".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢: "تقض" غير منقوطة، وفى س: "بعض"، وفى ف: "تفض". وتَقَضَّى الشيء: فنى وانقطع. الوسيط (ق ض ى).
(٣) بعده في م: "فله كذا وكذا".
(٤) أخرجه ابن حبان (٥٠٩٣) من طريق محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه النَّسَائِي في الكبرى (١١١٩٧)، والحاكم ٢/ ٣٢٦، والبيهقى ٦/ ٣١٥ من طريق معتمر به، وأخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ٣٥٦، وأبو داود (٢٧٣٨، ٢٧٣٩)، وابن المنذر في الأوسط ١١/ ١٤٦، والطحاوى في شرح معاني الآثار ٣/ ٢٣٢، ٢٧٩، والحاكم ٢/ ٢٢١، والبيهقي في سننه ٦/ ٢٩٢، ٣١٥، وفى الدلائل ٣/ ١٣٦ من طريق داود به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٥٩ إلى أبى الشيخ وابن مردويه.