للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصُحْبتِه، ومؤازرتِه على دينِه، كما قال في الآيةِ الأخرى: ﴿وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٨].

وقد رُوىَ عن النبيِّ أنها لما نَزَلَتْ ضرَب بيدِه على ظهرِ سلمانَ، فقال: "هم قومُ هذا". يَعْنى عَجَمَ الفُرْسِ.

كذلك حُدِّثْتُ عن عبدِ العزيزِ بن محمدٍ، عن سُهيلِ بن أبى صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ (١).

وقال قتادةُ في ذلك بما حدَّثنا بشرُ بنُ مُعاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا﴾: قادرٌ واللهِ ربُّنا على ذلك، أن يُهْلِكَ مَن يشاءُ مِن خلقِه، ويَأْتِ بآخرين مِن بعدِهم (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (١٣٤)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ : يعنى بذلك جلّ ثناؤُه: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ﴾. ممن أظهرَ الإيمانَ بمحمدٍ مِن أهلِ النِّفاقِ، الذين يَسْتَبْطِنون الكفرَ، وهم مع ذلك يُظْهِرون الإيمانَ، ﴿ثَوَابَ الدُّنْيَا﴾. يعنى: عَرَضَ الدنيا، بإظهارِه ما أظهَر مِن الإيمانِ بلسانِه، ﴿فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا﴾.


(١) عبد العزيز بن محمد هو الدراوردى، وسيأتي الحديث من طريق آخر في تفسير سورة (محمد)، وينظر تخريجه هناك.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٠٨٥ (٦٠٧٣) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.