للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعنى: جزاؤُه في الدنيا منها، وثوابُه فيها (١) هو ما يُصِيبُ مِن المَغْنَمِ إِذا شَهِد مع [النبيِّ ] (٢) مَشْهَدًا، وأَمْنُه على نفسِه وذُرِّيِته ومالِه، وما أشبَه ذلك، وأما ثوابُه في الآخرةِ فنارُ جهنمَ.

فمعنى الآيةِ: مَن كان من العامِلين في الدنيا من المنافقين، يريدُ بعملِه ثوابَ الدنيا وجزاءَها مِن عملِه، فإن اللَّهَ مُجازِيه بها (٣) جزاءَه في الدنيا مِن الدنيا، وجزاءَه في الآخرةِ (٤) مِن العقابِ والنَّكَالِ، وذلك أن الله قادرٌ على ذلك كلِّه، وهو مالكُ جميعِه، كما قال في الآيةِ الأُخرى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (١٥) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [هود: ١٥، ١٦].

وإنما عَنَى بذلك جلّ ثناؤُه الذين سَعَوا في أمرِ بنى أُبَيْرِقٍ، والذين وَصَفهم في قولِه: ﴿وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (١٠٧) يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ﴾. ومَن كان مِن نُظَرائِهم في أفعالِهم ونفاقِهم.

وقولُه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾. يعنى: وكان اللهُ سميعًا لِما يقولُ هؤلاء المُنافِقون الذين يُريدون ثوابَ الدنيا بأعمالِهم، وإظهارِهم للمؤمنين ما يُظْهِرون لهم، إذا لَقُوا المؤمنين، وقولِهم لهم: آمنّا، ﴿بَصِيرًا﴾. يعنى: وكان [ذا بَصَرٍ] (٥) بهم وبما


(١) بعده في: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "و".
(٢) في الأصل: "المسلمين".
(٣) سقط من: م.
(٤) بعده في م: "من الآخرة".
(٥) في الأصل: "أبصر".