للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: حدَّثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبَرني عبدُ اللَّهِ بنُ كثيرٍ، أنه سمِع مجاهدًا يَقُولُ: قال: أنا أحْيِي وأُمِيتُ: أُحْيِي فلا أَقْتُلُ، وأُمِيتُ مَن قَتَلْتُ. قال ابن جُريجٍ: كان أُتِي برجلين، فقَتَل أحدَهما وترَك الآخرَ، فقال: أنا أُحْيِي وأُمِيت. قال: أقْتُلُ فأُمِيتُ مَن قَتَلْتُ، وأُحْيِي. قال: أَسْتَحْيِي فلا أقْتُلُ (١).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، قال: ذُكِر لنا، واللَّهُ أعلمُ، أن نُمْروذَ قال لإبراهيمَ فيما يَقُولُ: أرَأيْت إلهَك هذا الذي تَعْبُدُه، وتَدْعو إلى عبادتِه، وتَذْكُرُ مِن قدرتِه التي تعَظِّمُه بها على غيرِه ما هو؟ فقال له إبراهيمُ: ربِّيَ الذي يُحْيِي ويُمِيتُ. قال: نُمروذُ: فأنا أُحْيِي وأُمِيتُ. فقال له إبراهيمُ: كيف تُحْيي وتُمِيتَ؟ قال: آخُذُ الرَّجُلَين قد اسْتَوجَبا القتلَ في حُكْمِي، فأقْتُلُ أحدَهما، فأكونُ قد أمَتُّه، وأعْفُو عن الآخرِ، فأتْرُكُه، فأكونُ قد أحْيَيْتُه. فقال له إبراهيمُ عندَ ذلك: فإن اللَّهَ يَأتى بالشمسِ من المشرقِ، فأْتِ بها مِن المغربِ أعْرِفْ أنه كما تَقوُلُ. فبُهِتَ عندَ ذلك نُمْروذُ، ولم يَرْجِعْ إليه شيئًا، وعرَف أنه لا يُطيقُ ذلك. يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ﴾. يَعْنى: وقَعت عليه الحجةُ، يَعْنى نُمْروذَ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.

يعنِى جلَّ ثناؤه بذلك: واللَّهُ لا يَهْدى أهلَ الكُفْرِ به إلى حجةٍ يَدْحَضُون بها


= السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣١ إلى ابن المنذر.
(١) قول ابن جريج عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٣١ إلى ابن المنذر من قول ابن عباس، وينظر ما تقدم في ص ٥٧٠.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٢٤٠، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٩٩ (٢٦٤٠) من طريق سلمة به مختصرا.