للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نساءَهم حذرًا. فذلك قولُه: ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ﴾ (١).

واختَلَفت القَرَأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ﴾؛ فقرَأ ذلك عامَّةُ قَرَأةِ الحجازِ والبصرةِ وبعضُ الكُوفيين: ﴿وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ﴾. بمعنى: ونُرِيَ نحن. بالنونِ عطفًا بذلك على قولِه: ﴿وَنُمَكِّنَ لَهُمْ﴾ (٢).

وقرأ ذلك عامَّةُ قَرَأَةِ الكُوفَةِ: (ويَرَى فِرْعَوْنُ). على أن الفعلَ لفرعونَ، بمعنى: ويُعاينَ فرعونُ. بالياءِ من "يَرَى"، ورَفْعِ "فرعونَ" و"هامان" و"الجنودِ" (٣).

والصوابُ من القولِ في ذلك أنهما قراءتان معروفتان في قرأةِ الأمصارِ، متقاربَتا المعنى، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من القَرَأَةِ، فبأيَّتهما قرأ القارئُ فهو مصيبٌ؛ لأنه معلومٌ أن فرعونَ لم يكنْ لِيَرَى من موسى ما رأى إلا بأن يُرِيَه اللهُ ﷿ منه، ولم يكنْ لِيُريَه اللهُ تعالى ذكرُه ذلك منه إلا رآه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأوْحيْنا إلى أُمِّ موسى حينَ ولَدت موسى أن أرْضِعيه.

وكان قتادةُ يقولُ في معنى ذلك: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى﴾: قذَفنا في قلبِها. حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٨٧ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٢٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) وبها قرأ ابن كثير ونافع وعاصم وابن عامر وأبو عمرو. السبعة لابن مجاهد ص ٤٩٢.
(٣) وبها قرأ حمزة والكسائي. المصدر السابق.