للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويلِ قولِه: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (١٩٥)﴾.

يعنى بقوله جلَّ ثناؤه: ﴿فَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾: [يعنى هاجَرُوا] (١) قومَهم من أهلِ الكفرِ وعشيرتَهم، في الله، إلى إخوانهم من أهلِ الإيمان بالله والتصديق برسوله، ﴿وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ﴾. وهم المهاجرون الذين أخرَجهم مشركو قريشٍ من ديارِهم بمكةَ، ﴿وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي﴾. يعنى: وأُوذوا في طاعتهم ربَّهم، وعبادتهم إياه، مخلصين له الدينَ. وذلك هو سبيلُ الله التي أذى فيها المشركون من أهلِ مكةَ المؤمنين برسول الله من أهلها، [(وقُتِلُوا). يعنى: وقُتِلُوا في سبيل الله، (وقاتَلُوا) فيها] (٢)، ﴿لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾. يعنى: لأمْحُونَّها عنهم، ولأتَفَضَّلنَّ عليهم بعَفوى ورَحمتى، ولأغْفِرَنَّها لهم، ﴿وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾، ﴿ثَوَابًا﴾. يَعْنى: جزاءٌ لهم على ما عملوا وأبلَوا في الله وفى سبيله، ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾. يَعْنى: مِن قِبَلِ اللَّهِ لهم، ﴿وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾. يَعْنى: أن الله عندَه مِن جزاء أعمالهم لهم (٣) جميعُ صنوفِه، وذلك ما لا يَبْلُغُه وَصْفُ واصفٍ؛ لأنه مما لا عينٌ رأت، [ولا أُذنٌ سمعت] (٤)، ولا خطَر على قلبِ بشرٍ.

كما حدَّثنا [أحمدُ بنُ] (٥) عبدِ الرحمنِ بن وهبٍ، قال: ثنا عمِّى عبد الله بنُ


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٢) هكذا بالإبدال. وينظر القراءات التي سيذكرها المصنف بعد.
(٣) زيادة من: الأصل، ص.
(٤) سقط من: الأصل، ص.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.