للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهبٍ، قال: ثنى عمرُو بنُ الحارثِ، أن أبا عُشَّانةَ المَعافريَّ حدَّثه، أنه سمع عبدَ الله بنَ عمرِو بن العاصِ يقولُ: سمعتُ رسولَ الله يقول: "إن أول ثُلَّةٍ (١) تَدْخُلُ (٢) الجنةَ لفقراءُ المهاجرين، الذين تُتَّقى بهم المكارهُ، إذا أُمِروا سمِعوا وأطاعُوا، وإن كانت لرجلٍ منهم حاجةٌ إلى السلطانِ لم تُقضَ (٣) حتى يَمُوتَ وهى في صدرِه، وإن الله يَدْعُو يومَ القيامةٍ الجنةَ، فتأتى بزخرفها وزينتِها، فيقُولُ: أين عبادى الذين قاتَلوا في سبيلى وقُتلوا، وأُوذوا في سبيلى، وجاهَدوا في سبيلى؟ ادخُلوا الجنةَ. فيدْخُلونها بغير عذابٍ ولا حسابٍ، وتأتى الملائكةُ فيسْجُدون ويَقُولون: ربَّنا نحن نُسبِّحُ لك الليلَ والنهارَ، ونُقَدِّسُ لك، من هؤلاء الذين آثَرْتَهم علينا؟ فيقُولُ الربُّ جلَّ ثناؤه: هؤلاء عبادى الذين قاتلوا في سبيلى، وأُوذوا في سبيلى. فتَدْخُلُ الملائكة عليهم من كلِّ بابٍ: ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾ (٤) [الرعد: ٢٤].

واختلفت القرأةُ في قراءة قوله: ﴿وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا﴾ فقرأ بعضُهم: (وَقَتَلُوا وقُتِلُوا). بالتخفيف (٥)، بمعنى: أنهم قَتَلوا من قتلوا من المشركين، [ثم قتلهم المشركون] (٦).

وقرأ ذلك آخرون: (وَقاتَلُوا وَقُتُلُوا). بتشديد: (قُتِّلوا) (٧)، بمعنى: أنهم قاتلوا المشركين، وقتَّلهم المشركون بعضًا بعد بعضٍ، وقتلًا بعد قتلٍ.


(١) في الأصل: "ثلاثة".
(٢) في ص، ت ١: "يدخلوا".
(٣) بعده في الأصل: "لهم".
(٤) أخرجه الحاكم في ٢/ ٧١، ٧٢، والبيهقى في شعب الإيمان (٤٢٥٩) من طريق عبد الله بن وهب به، وأخرجه أحمد في المسند ١١/ ١٣١ - ١٣٣ (٦٥٧٠، ٦٥٧١)، وعبد بن حميد (٣٥٢)، والبزار (٢٤٥٧)، وابن حبان (٧٤٢١)، والطبراني ١٣/ ٦١ (١٥١)، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٣٤٧ من طريق أبى عشانة به بنحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٢ إلى أبى الشيخ.
(٥) وهى قراءة شاذة، حكاها أبو حيان عن عمر بن عبد العزيز. البحر المحيط ٣/ ١٤٥.
(٦) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٧) وهى قراءة ابن كثير وابن عامر. السبعة لابن مجاهد ص ٢٢١.