للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قُلْ يا محمدُ لمُشْركي قومِك مِن قريشٍ: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾. يعنى: ما كنتُ أوَّلَ رسلِ اللهِ التي أرسَلها إلى خَلْقِه، قد كان مِن قَبْلى له رسلٌ كثيرةٌ أُرسلت إلى أممٍ قبلَكم.

يقالُ منه: هو بِدْعٌ في هذا الأمرِ، وبديعٌ فيه. إذا كان فيه أوَّلَ. ومن البِدْعِ قولُ عَدِيِّ بن زيدٍ (١):

فَلا أنا بِدْعٌ مِن حَوادثَ تَعْتَرِى … رِجالًا عَرَتْ مِن بَعْدِ بُؤْسَى وأَسْعُدِ

ومن البديعِ قولُ الأحوصِ (٢):

فَخَرَتْ فانْتَمَتْ فقلتُ انظُرِينى … ليس جَهْلٌ أُتيتِه ببَديعِ

يعنى بأوَّلَ. يقالُ: هو بِدْعٌ مِن قومٍ أبداعٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ﴾. يقولُ: لستُ بأوَّلِ الرسلِ (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "يزيد". والبيت في تفسير القرطبي ١٦/ ١٨٥.
(٢) شعر الأحوص الأنصاري ص ١٥٧.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣١١ - من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٨ إلى ابن المنذر وابن مردويه.