للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان عُبيدُ بنُ عُميرٍ يقولُ: إن الله تعالى ذكرُه أحلَّ وحرَّم، فما أحلَّ فاسْتَحِلُّوه، وما حرَّم فاجْتَنِبوه، وترَك من ذلك أشياءَ لم يُحِلُّها ولم يُحَرِّمُها. فذلك عَفْوٌ من اللَّهِ عفاه. ثم يَتْلُو: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ﴾.

حدَّثنا ابن المثنى، قال: ثنا الضحَّاكُ، قال: أَخْبَرنا ابن جريجٍ، قال: أَخْبَرني عطاءٌ، عن عُبيدِ بن عُميرٍ أنه كان يقولُ: إن الله حرَّم وأحلَّ. ثم ذكَر نحوَه.

وأما قولُه: ﴿عَفَا اللَّهُ عَنْهَا﴾. فإنه يعنى به: عفا اللهُ لكم عن مسألتِكم عن الأشياءِ التي سألتُم عنها رسولَ اللهِ ، الذي كرِه اللهُ لكم مسألتَكم إيَّاه عنها، أن يؤاخذَكم بها، أو يعاقبَكم عليها، إن عرَف منها توبتَكم وإنابتَكم. ﴿وَاللَّهُ غَفُورٌ﴾. يقولُ: واللهُ ساترٌ ذنوبَ مَن تاب منها، فتاركٌ أن يفضَحَه بها في الآخرِة، ﴿حَلِيمٌ﴾ أن يعاقبَه بها؛ لتغمُّدِه التائبَ منها برحمتِه، وعفوِه عن عقوبتِه عليها.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك رُوى الخبرُ عن ابن عباسٍ الذي ذكَرناه آنفًا.

وذلك ما حدَّثني به محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ﴾. يقولُ: لا تسألُوا عن أشياءَ إن نزَل القرآنُ فيها بتغليظٍ ساءكم ذلك، ولكن انتظِروا، فإذا نزَل القرآنُ فإنكم لا تَسْأَلون عن شيءٍ إلا وجَدتم تبيانَهُ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (١٠٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: قد سأَل الآياتِ قومٌ من قبلِكم، فلمَّا آتاهموها اللَّهُ أَصْبَحوا بها جاحِدين مُنْكِرين أن تكونَ دَلالةً على حقيقةِ ما احتُجَّ بها عليهم، وبرهانًا على


(١) تقدم في ص ٢٠، ٢١.