للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتحليلِ أمورٍ لم يُحلِّلْها لهم، وتحريمِ أشياءَ لم يُحرِّمها عليهم، قبلَ نزولِ القرآنِ بذلك -: أيُّها المؤمنون السائلون عمَّا سألوا عنه رسولِى مما لم أُنزِلْ به كتابًا ولا وحيًا، لا تَسْأَلوا عنه، فإنكم إن أَظْهَر ذلك لكم تِبيانٌ بوحيٍ وتنزيلٍ ساءَكم؛ لأن التنزيلَ بذلك إذا جاءكم إنما يَجيئُكم بما فيه امتحانُكم واختبارُكم، إما بإيجابِ عملٍ عليكم، ولزومِ فرضٍ لكم، وفى ذلك عليكم مشقةٌ، ولزومُ مُؤْنةٍ وكُلفةٍ، وإما بتحريمِ ما لو لم يأتِكم بتحريمِه وحىٌ، كنتم من التقدُّمِ عليه في فُسْحةٍ وسَعَةٍ، وإما بتحليل ما تعتقدون تحريمَه، وفى ذلك لكم مَساءةٌ؛ لنقلِكم عما كنتم تَرَوْنه حقًّا، إلى ما كنتم تَرَوْنه باطلًا، ولكنكم إنْ سألتُم عنها بعدَ نزولِ القرآنِ بها، وبعدَ ابتدائِكم ببيانِ (١) أمرِها في كتابى إلى رسولى إليكم، [ليَسَّر عليكم] (٢) ما أَنْزَلتُه إليه من إيتائي (٣) كتابي وتأويل تنزيلى ووحيى.

وذلك نظيرُ الخبرِ الذي رُوِى عن بعضِ أصحابِ رسولِ اللهِ ، الذي حدَّثنا به هنَّادُ بنُ السَّريِّ، قال: ثنا أبو معاويةَ، عن داودَ بن أبي هندٍ، عن مكحولٍ، عن أبي ثعلبة الخُشَنيِّ، قال: إن الله تعالى فرَض فرائضَ فلا تضيِّعوها، ونهَى عن أشياءَ فلا تنتهِكُوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدُوها، وعفا [عن أشياءَ] (٤) من غيرِ نسيانٍ فلا تَبْحَثوا عنها (٥).

حدثنا هنَّادٌ، قال: ثنا ابن أبي زائدةَ، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال:


(١) في م، ت ١: "شأن".
(٢) في م: "بين لكم".
(٣) في م: "إتيان".
(٤) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) أخرجه البيهقى ١٠/ ١٢ من طريق داود به، وأخرجه الدارقطني ٤/ ١٨٣، ١٨٤، وأبو نعيم في الحلية، ٩/ ١٧، والحاكم ٤/ ١١٥، والبيهقى ١٠/ ١٣ من طريق داود به مرفوعًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٣٦ إلى ابن المنذر مرفوعًا أيضًا.