للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سنُقْرِئُك يا محمدُ هذا القرآنَ فلا تَنْساه، إلا ما شاء اللهُ.

ثم اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى قوله: ﴿فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ﴾؛ فقال بعضُهم: هذا إخبارٌ مِن اللهِ نبيَّه أنه يُعَلَّمُه هذا القرآنَ، ويحفَظُه عليه، ونَهْىٌ منه أن يَعْجَلَ بقراءتِه، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٦، ١٧].

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بن عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾. قال: كان يَتَذَكَّرُ القرآنَ في نفسِه مَخَافَةَ أَن يَنْسَى (١).

فقال قائلو هذه المقالةِ: معنى الاستثناءِ في هذا الموضعِ على النسيانِ، ومعنى الكلامِ: فلا تَنْسَى، إلا ما شاء اللهُ أن تَنْساه ولا تَذْكُرَه. قالوا: وذلك هو ما نَسَخه اللهُ من القرآنِ، فرفَع حُكْمَه وتلاوتَه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾: كان رسولُ اللهِ لا يَنْسَى شيئًا إِلَّا ما شاء اللهُ (٢).


(١) تفسير مجاهد ص ٧٢٢، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٣٩ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٦٧ عن معمر عن قتادة بنحوه.