للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: وما تُنْفِقُوا أيها الناسُ مِن مالٍ، فتَصَّدَّقوا على أهلِ ذمَّتِكم تطوعًا منكم، أو تُعْطُوه مَن أمَركم ربُّكم بإعْطائِه مِن الفُقَرَاءِ الذين أُحْصِرُوا في سبيلِ اللهِ ممّا فرَضه اللهُ لهم في أموَالِكم، فإِنَّ الله بكلِّ ذلك عليمٌ، يُحْصِيه لكم، ويدَّخِرُ ثَوابَه عندَه لكم، حتى يُوفِّيَكم على جَميعِ ذلك أُجُورَكم، ويُعْظِمَ لكم عليه في المَعادِ جزاءَكم.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٧٤)﴾.

يعْنى جلَّ ثناؤه بذلك: مَن يُنْفِقُ مالَه باللَّيلِ والنَّهارِ في السرِّ والعَلانيةِ، فيتصدَّقُ به ابتغاءَ اللهِ وطلَبَ ثَوابِه، فله أجْرُ صَدَقتِه مَذْخُورًا له عند ربِّه حتى يُوفِّيَه إيَّاه في مَعَادِه يومَ بعْثِه، ولا خوفٌ عليه يومَ القيامةِ مِن عِقابِه وعَذابِه، ولا في أهوالِ قِيامَتِه، ولا هو يحْزَنُ عِندَ مَقْدَمِه عليه بمُعَايِنَتِهِ مِن عَظيمِ كَرامةِ اللهِ التي أعدَّها له على ما خلَّف وراءَه في الدنيا.

ثم اختلَف أهلُ التأويلِ في المعْنى الذي أُنْزِلت فيه هذه الآيةُ؛ فقال بعضُهم: أُنزلت في عليّ بن أبي طالبٍ .

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا عبدُ الوهابِ بنُ مجاهدٍ، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً﴾ قال: نزلت في عليٍّ؛ كانت معه أربعةُ درَاهمَ، فأنفق بالليلِ درهمًا، وبالنهارِ، درهمًا، وسرًّا درهمًا، وعلانيةً درهمًا (١).


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٠٨، ومن طريقه الطبراني في الكبير (١١١٦٤)، والواحدى في أسباب النزول ص ٦٤، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٢/ ٣٠٦ (مخطوط)، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٤٣ =