للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان ابن زيدٍ يقولُ في ذلك ما حدَّثني به يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيد في قوله: ﴿أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾، قال: اجعلنى أشكرُ نعمتك.

وهذا الذي قاله ابن زيدٍ في قوله: ﴿رَبِّ أَوْزِعْنِي﴾، وإن كان يَقُولُ إليه معنى الكلمةِ، فليس بمعنى الإيزاع على الصحة.

وقوله: ﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ﴾، يقول تعالى ذكره: أوزعنى أن أعملَ صالحًا من الأعمال التي ترضاها؛ وذلك العمل بطاعته وطاعة رسوله . وقوله: ﴿وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي﴾، يقولُ: وأصلِحْ لي أُمُورى في ذُرِّيتي الذين وُهِبْتُهم بأن تجعلَهم هُدَاةً للإيمانِ بك، واتِّباع مَرْضاتِك، والعمل بطاعتك، فوصَفه جلّ ثناؤُه بالبِرِّ بالآباء والأمهات والبنين والبناتِ، وذكر أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق (١).

وقوله: ﴿إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيلِ هذا الإنسانِ: ﴿إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ﴾، يقولُ: تُبْتُ مِن ذُنُوبِي التي سَلَفَت مني في سالفِ أيامي، إليك، ﴿وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾، يقولُ: وإنى من الخاضعين لك بالطاعة، المُسْتَسْلِمين لأمرك ونَهْيك، المُنقادِين لحُكْمِك.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ (٢) عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ (٣) عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (١٦)﴾.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤١ إلى ابن مردويه عن ابن عباس، وذكره الواحدى في أسباب النزول ص ٢٨٤.
(٢) في ت ١، ت ٢، ت: "يتقبل"، هما قراءتان كما سيأتي.
(٣) في ت ١، ت ٢، ت: "يتجاوز"، هما قراءتان كما سيأتي.