للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه في مُلْكِه وفيما لَديه شيئًا، ولا يَعْزُبُ عنه علمُ ما يَرْزُقُه. وإنما يُحاسبُ مَن يُعْطِى ما يُعْطِيهِ، مَن يَخْشَى النُّقصان من مُلْكِه (١)، بخُروج ما خرَج من عندِه بغيرِ حسابٍ معروفٍ، ومَن كان جاهلًا بما يُعطى على غيرٍ حسابٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (٣٨)﴾.

أما قولُه: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ﴾. فمعناه: عند ذلك - أي: عندَ رؤيةِ زكريا ما رأى عندَ مريمَ من رزقِ اللهِ الذي رَزَقها، وفَضْلِه الذي آتاها من غيرِ تَسَبُّبِ أحدٍ من الآدَميِّين في ذلك لها، ومُعايَنَتِه عندها الثمرةَ الرَّطْبة التي لا تكونُ في حين رؤيته إياها عندها في الأرض - طمع [في الولد] (٢) مع كِبَر سِنِّه، من المرأةِ العاقرِ، فرَجا أن يَرْزُقه اللهُ منها الولدَ مع الحالِ التي هما بها، كما رزَق مريمَ على تَخَلِّيها من الناسِ ما رَزَقها؛ من ثمرةِ الصيفِ في الشتاءِ، وثمرة الشتاءِ في الصيفِ، وإن لم يكنْ مثلُه مما جَرَتْ بوجوده - في مثل ذلك الحين - العاداتُ في الأرضِ، بل المعروفُ في الناسِ غيرُ ذلك، كما أن ولادةَ العاقرِ غيرُ الأمرِ الجاريةِ به العاداتُ في الناسِ، فرَغِب إلى اللهِ جلَّ ثناؤُه في الولدِ، وسأَله ذُرِّيَّةً طيبةً، وذلك أن أهلَ بيتِ زكريا - فيما ذُكر لنا - كانوا قد انقَرَضوا في ذلك الوقتِ.

كما حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: فلمَّا رأى زكريا من حالها ذلك - يعنى فاكهةَ الصيفِ في الشتاءِ، وفاكهةَ الشتاءِ في الصيفِ - قال: إن رَبًّا أعطاها هذا في غيرِ حِينِه، لقادرٌ على أن يرزُقَنى ذُرِّيَّةً طيبةً.


(١) بعده في ص: "ودخول" وبعده بياض بقدر كلمتين. ولعل سياقه هكذا "ودخول النفاد عليه بخروج … ".
(٢) في ص: "بالولد".