للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ بينَهم، وهى النَّجْوى التي أسرُّوها بينهم، فقال بعضُهم لبعضٍ: أتَقْبَلون السِّحرَ، وتُصَدِّقون به وأنتم تعلمون أنَّه سحرٌ؟ يعنُون بذلك القرآنَ.

كما حدثَّني يونُسُ قال: أخبَرنا ابن وَهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾. قال: قاله أهلُ الكفْرِ لنبيِّهم ليما جاء به من عندِ اللهِ، زعَموا أنَّه ساحرٌ، وأن ما جاء به سحرٌ، قالوا: أتأتون السِّحرَ وأنتم تُبْصرون؟

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿قَالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٤)﴾.

اختلفَت القرأةُ في قراءةِ قوله: (قُلْ رَبِّي)؛ فقرأ ذلك عامّةُ قرَأةِ أهلِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيِّين: (قُلْ رَبِّي). على وجْهِ الأمْرِ (١). وقرَأَه بعضُ قرَأة مكةَ وعامَّةُ قرَأةِ الكوفةِ: ﴿قَالَ رَبِّي﴾ على وجْهِ الخبر (٢). وكأنَّ الذين قرءوه على وجْهِ الأمْرِ أرادوا من تأويلِه: قُلْ يا محمدُ للقائلين: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾: ربِّي يعلمُ قول كلِّ قائلٍ في السماءِ والأرضِ، لا يَخْفَى عليه منه شيءٌ، ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ﴾ لذلك كُلِّه، ولما يقولون من الكَذِبِ، ﴿الْعَلِيمُ﴾ بصِدْقى وحقيقةِ ما أدْعُوكم إليه، وباطلِ ما تقولون، وغيرِ ذلك من الأشياءِ كلِّها. وكأنَّ الذين قَرَءوه على وجْهِ الخبرِ أرادوا: قال محمدٌ: ﴿رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّمَاءِ﴾. خبرًا مِنَ اللَّهِ عن جوابِ نبيِّه إيَّاهم.

والقولُ في ذلك عندى أنَّهما قراءتان مشهورَتان في قَرَأَةِ الأمصار، قد قرَأ بكلِّ


(١) وهى قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر. السبعة لابن مجاهد ص ٤٢٨.
(٢) وهى قراءة عاصم في رواية حفص، وحمزة والكسائي. المصدر السابق.