للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَسْتَمِعُ هؤلاءِ القوُم الذين وصَف صفتهم، هذا القرآنَ إِلَّا وهم يَلْعَبون، غافلةً عنه قلوبُهم، لا يتَدبَّرون حُكْمَه، ولا يتفَكَّرون فيما أَوْدَعه اللهُ من الحُجَجِ عليهم.

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾. يقولُ: غافلةً قلوبهم (١).

وقولُه: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾. يقولُ: وأَسَرَّ هؤلاء الناسُ الذين اقْتَرَبتِ الساعةُ مِنهم وهم في غَفْلةٍ معرضون لاهيةً قلوبُهم - النَّجْوى بينَهم. يقولُ: وأظهروا المناجاةَ بينَهم فقالوا: هل هذا الذي يزعُمُ أَنَّه رسولٌ من اللهِ أرسَله إليكم، ﴿إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾. يقولون: هل هو إلا إنسانٌ مِثلُكم في صورِكم وخَلْقِكم. يَعْنُون بذلك محمدًا .

وقال: ﴿الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ فوصَفَهم بالظُّلمِ بفِعْلِهم وقِيلِهم الذي أخبرَ به عنهم في هذه الآياتِ أنَّهم يفْعَلون ويقولون؛ من الإعراضِ عن ذكرِ اللهِ، والتكذيبِ برسولِه.

ولـ ﴿الَّذِينَ﴾ من قولِه: ﴿وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ في الإعرابِ وَجْهان؛ الخفضُ على أنَّه تابع لـ "الناسِ" في قولِه: ﴿اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ﴾ والرفعُ على الردِّ (٢) على الأسماء الذين في قولِه: ﴿وَأَسَرُّوا﴾ من ذِكْرِ "الناس"، كما قيل: ﴿ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٧١]. وقد يحتمِلُ أن يكونَ رفعًا على الابْتداءِ، ويكونَ معناه: وأسرَّوا النَّجوى. ثم قال: هم الذين ظَلَموا.

وقولُه: ﴿أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ﴾. يقولُ: وأَظْهَروا (٣) هذا


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣١٤ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) الرد: البدل. ينظر مصطلحات النحو الكوفي ص ٣٦.
(٣) في ص، ف: "وأظهر".