للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان فيما افْتَتح به من صفةِ إظهارِ اللَّهِ نفاقَ المنافقِ، وكفرَ الكافرِ، دَلالةٌ واضحةٌ على أن الذي وَلِى ذلك هو الخبرُ عن (١) أنه لم يكنْ ليطلْعَهم على ما يَخفَى عنهم من باطنِ سرائرِهم، إلا بالذي ذكَر أنه مميِّزٌ به بينَهم (٢)، إلا مَن استثنَاه من رسلِه، الذي خصَّه بعلمِه جلَّ وعز.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٩)﴾.

يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَإِنْ تُؤْمِنُوا﴾: وإن تصدِّقوا من اجْتَبيتُه من رسلِى بعلمِى (٣)، وأَطْلَعتُه على المنافقين منكم، ﴿وَتَتَّقُوا﴾ رَبَّكم بطاعتِه فيما أمركم به نبيُّكم محمدٌ ، وفيما نهاكم عنه، ﴿فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾. يقولُ: فلكم بذلك من إيمانِكم واتقائِكم ربَّكم، ثوابٌ عظيمٌ.

كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا﴾. أي ترجِعوا وتتوبوا، ﴿فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾.

اخْتَلفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأته جماعةٌ من أهلِ الحجازِ والعراقِ: ﴿وَلَا


(١) في ص، ت ١: "غير".
(٢) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "نعتهم". وفى ت ١: "نفيهم" وفى س: "منهم".
(٣) في ص، س: "لعلمي".
(٤) سيرة ابن هشام ٢/ ١٢١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٢٦ (٤٥٧٤) من طريق سلمة به.