للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ﴾. بالياءِ، من ﴿يَحْسَبَنَّ﴾ (١). وقرأته جماعةٌ أخرُ: (ولا تحسبَنَّ). بالتاءِ (٢).

ثم اخْتَلف أهلُ العربيةِ في تأويلِ ذلك، فقال بعضُ نحويِّي الكوفةِ: معنى ذلك: لا يحسبَنَّ الباخلون البخلَ هو خيرًا لهم. فاكْتَفى بذكرِ ﴿يَبْخَلُونَ﴾ من "البخلِ"، كما تقولُ: قدِم فلانٌ فسُرِرتُ به وأنت تريدُ: فسُرِرتُ بقدومِه. وهو عمادٌ.

وقال بعضُ نحويِّى أهلِ البصرةِ: إنما أراد بقولِه: (ولا تَحسبَنَّ (٣) الَّذينَ يَبخَلُونَ بِما أتاهُمُ اللَّهُ مِن فَضلِهِ هو خَيرًا لَّهُم بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ). لا تحسبَنَّ البخلَ هو خيرًا لهم. وألقَى الاسمَ الذي أَوقَع عليه الحِسْبانَ، وهو البخلُ؛ لأنه قد ذكَر الحِسْبانَ، وذكَر ﴿بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، فأَضْمرَهما إذ ذكَرهما. قال: وقد جاء من الحذفِ ما هو أشدُّ من هذا، قال: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ﴾. ولم (٤) يقُلْ: ومن أَنْفَق (٥) من بعدِ الفتحِ. لأنه لما قال: ﴿أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ﴾ [الحديد: ١٠]. كان فيه دليل على أنه قد عناهم.

وقال بعضُ من أَنْكَر قولَ من ذكَرنا قولَه من أهلِ البصرةِ: إن "من" في قولِه: ﴿لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ﴾. في معنى جمعٍ. ومعنى الكلامِ: لا يَسْتَوى منكم مَن أَنْفَق [من قبلِ الفتحِ في منازلِهم وحالاتِهم، فكيف مَن أنفق] (٦) مِن بعدِ الفتحِ؟ فالأولُ مكتفٍ. وقال: في قولِه: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ


(١) قرأ نافع والكسائي وعاصم، ومعهم ابن عامر: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ﴾ بالياءِ وفتح السين. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: (ولا يحسبن) بالياءِ، وكسر السين. ينظر السبعة ص ٢١٩، ٢٢٠.
(٢) هذه قراءة حمزة، بالتاءِ وفتح السين. ينظر السبعة ص ٢٢٠.
(٣) في ت ١، ت ٢: "يحسبن".
(٤) في ص، ت ١، س: "من".
(٥) في ت ١، ت ٢: "نيفن".
(٦) سقط من: ت ١، ت ٢، س.