يقولُ تعالَى ذكرُه: قال إبراهيمُ لقومِه: ﴿أَفَرَأَيْتُمْ﴾ أَيُّها القومُ ﴿مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ﴾ مِن هذه الأصنامِ، ﴿أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ﴾ يعنى بالأَقْدَمِين: الأقْدَمِين مِن الذين كان إبراهيمَ يخاطبُهم، وهم الأوَّلون قبلَهم مِمَّن كان على مثلِ ما كان عليه الذين كلَّمهم إبراهيمُ من عبادةِ الأصنامِ، ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾.
يقولُ قائلٌ: وكيف يوصَفُ الخشبُ والحديدُ والنُّحاسُ بعداوةِ ابن آدمَ؟ فإن مَعْنَى ذلك: فإنهم عدوٌّ لى - لو عبدتُهم - يومَ القيامةِ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا (٨١) كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ [مريم: ٨١، ٨٢].
وقولُه: ﴿إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾. نصبًا على الاستثناءِ.
و "العدوُّ" بمعنى الجمعِ، ووُحِّد لأنَّه أُخْرِج مُخرج المصدرِ، مثلَ القُعودِ والجلوسِ.
ومَعْنى الكلامِ: أفرأيتُم كلَّ معبودٍ لكم ولآبائِكم، فإنِّي منه برئٌ: لا أعبدُه، إلا ربَّ العالمين.