للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القائِدُ الخَيْلَ مَنْكُوبًا دَوَابِرُها (١) … قد أُحْكِمَتْ حَكماتِ (٢) القِدِّ والأبَقا (٣)

وقال: يريدُ: أَحْكِمت حَكَماتِ الأَبَقِ. فألْقَى الحَكَماتِ، وأقام الأبَقَ مُقامَها.

وقال بعضُ مَن أنكَر ذلك من قولِه من أهلِ العربيةِ: الفصيحُ مِن الكلامِ في ذلك هو ما جاء في القرآنِ؛ لأنَّ العرب تقولُ: سمعتُ زيدًا مُتكلِّمًا. يريدون: سمِعتُ كلام زيدٍ. ثم تَعلَمُ أن السمعَ لا يقعُ على الأناسيِّ، إنما يقعُ على كلامِهم، ثم يقولون: سمِعتُ زيدًا. أي: سمِعتُ كلامَه قال: ولو لم يُقَدَّمْ في بيتِ زهيرٍ "حكماتِ القدِّ" لم يَجُزْ أن يُنْسَقَ بـ"الأبق" عليها؛ لأنَّه لا يقالُ: رأيتُ الأبق. وهو يريدُ الحكمَةَ.

وقولُه: ﴿أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ﴾. يقولُ: أو تنفَعُكم هذه الأصنامُ، فيَرزُقونكم شيئًا على عبادتِكموها، أو يضرُّونكم فيُعاقبونكم على تَرْككم عبادتَها، بأن يسلُبوكم أموالَكم، أو يُهْلِكوكم إذا هلَكتُم وأولادُكم ﴿قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾. وفى الكلامِ متروكٌ استُغْنِىَ بدَلالةِ ما ذُكِرَ عما تُرِكَ، وذلك جوابُهم إبراهيمَ عن مسألتِه إياهم: ﴿هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ (٧٢) أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ﴾. فكان جوابُهم إياه: لا، ما يَسْمَعوننا إذا دعَوناهم، ولا ينفَعوننا ولا يضرُّون. يدلُّ على أنَّهم بذلك أجابوه - قولُهم: ﴿بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾. وذلك [أنَّ "بل"] (٤) رجوعٌ عن مجحودٍ، كقولِ القائلِ: ما كان كذا بل كذا وكذا.


(١) دابرة الحافر: مؤخَّرة، وقيل: هي التي تلى مؤخر الرسغ. اللسان (د ب ر).
(٢) حكمة اللجام: ما أحاط بحنكى الدابة. اللسان (ح ك م).
(٣) القد: السير الذي يقدمن الجلد، والأبق: الحبل من القنب، وهو ضرب من الكتان. اللسان (ق د د، أب ق، ق ن ب).
(٤) سقط من: م.