﵀ إلى فنحاصَ اليهوديِّ يستمِدُّه، وكتَب إليه بكتابٍ، وقال لأبي بكرٍ:"لا تفتاتَنَّ على بشيءٍ حتى ترجِعَ". فجاء أبو بكرٍ وهو متوشِّحٌ السيف، فأعطاه الكتابَ، فلما قرأه قال: قد احتاج ربُّكم أن نُمِدَّه. فهمَّ أبو بكرٍ أن يضرِبَه بالسيفِ، ثم ذكَر قولَ رسولِ اللَّهِ ﷺ:"لا تفتاتَنَّ عليَّ بشيءٍ حتى ترجِعَ". فكفَّ، ونزَلت: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ﴾. وما بين الآيتين إلى قولِه: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾. نزَلت هذه الآياتُ في بنى قَيْنُقاعَ إلى قولِه: ﴿فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ﴾. قال ابن جريجٍ: يعزِّى نبيَّه ﷺ؛ قال: ﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ﴾. قال: أعْلَم اللَّهُ المؤمنين أنه سَيَبْتَليهم فينظُرُ كيف صبرُهم على دينِهم، ثم قال: ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾. يعنى: اليهودَ والنصارى، ﴿وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا﴾، فكان المسلمون يسمَعون من اليهودِ قولَهم: عُزَيرٌ ابن اللَّهِ. ومن النصارى: المسيحُ ابن اللَّهِ. فكان المسلمون يَنْصِبون لهم الحربَ، ويسمَعون إشراكَهم، فقال اللَّهُ: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾. يقولُ: من القوةِ مما عزَم اللَّهُ عليه وأمَركم به (١).
وقال آخرون: بل نزَلت في كعبِ بن الأشرفِ، وذلك أنه كان يهجو رسولَ اللَّهِ ﷺ، ويُشبِّبُ بنساءِ المسلمين.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ١٠٦ إلى المصنف وابن المنذر.